عنوان الفتوى : الصلاة على رسول الله بين ركعات التراويح
بين ركعات التراويح يقال: "صلوا على رسول الله"، وأنا علمت أنه بدعة، فهل أصلي عليه؛ كي لا أكون بخيلًا؟ فالبخيل الذي سمع اسمه، ولم يصل عليه، أم أترك هذا الأمر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات، ولكن ليس من السنة المداومة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بين ركعات التراويح؛ لأن هذا التخصيص لم يأت به الشرع.
وقد جاء في حديث عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ. متفق عليه. وفي لفظ لمسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ. اهـ. قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع، وَالْمُخْتَرَعَات... وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه، وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات، وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ. اهــ.
ولا حرج عليك أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه الشريف؛ حتى لا تكون من البخلاء، ففي الحديث عند الترمذي، وغيره: البَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ.
ولا يمنع من ذلك كون الآمر بالصلاة عليه فعل أمرًا غير مشروع، وقد كان مالك ــ رحمه الله تعالى ــ يمنع من الصلاة بعد العصر؛ لورود النهي عن الصلاة في ذلك الوقت، فدخل يومًا الجامع، فقال له قائلٌ: قم فاركع ركعتين، فقام فصلى، فقيل له: كيف خالفت مذهبك؟ فقال: خشيت أن أكون من الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون. قال الإمام تاج الدين الفاكهاني المالكي المتوفى: 734هـ، معقبًا على هذه القصة: وهذه حالة المتقين المنقطعين، المراقبين لأقوالهم، وأفعالهم. اهــ.
فاللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم كلما ذكره الذاكرون، وغفَل عن ذكره الغافلون.
والله تعالى أعلم.