عنوان الفتوى : حفظ القرآن لطلب الإمامة والخطابة
هل يجوز لي حفظ القرآن للإمامة، والخطابة، ومحاولة المجاهدة في إخلاص النية؟ وهل يجوز لشخص أن يتمنى إمامة المسجد الحرام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فحفظ القرآن لطلب الإمامة، والخطابة، إن كان الباعث على ذلك هو تحصيل ثوابهما، فإن هذا لا حرج فيه؛ فإمامة الناس في الصلوات، والخطبة، والوعظ، كل ذلك من جملة الطاعات؛ لمن أخلص النية فيها، ومن طلبها ابتغاء التقرب إلى الله تعالى، فإنه يطلب قربة من القربات، وهذا لا حرج فيه، بل هو مطلب شرعي، وقد قال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير قوله تعالى: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}، قال: قَالَ النَّيْسَابُورِيُّ: قِيلَ فِي الْآيَةِ: دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الرِّيَاسَةَ الدِّينِيَّةَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ تُطْلَبَ، وَيُرَغَّبَ فِيهَا. اهــ.
وقد طلب الإمامة بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد في المسند، وأبو داود، والنسائي ـ واللفظ لأحمد ـ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، فَقَالَ: أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا، لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا.
قال الصنعاني في سبل السلام: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ طَلَبِ الْإِمَامَةِ فِي الْخَيْرِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي أَدْعِيَةِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّهُ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ، أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان: 74}، وَلَيْسَ مِنْ طَلَبِ الرِّيَاسَةِ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرِيَاسَةِ الدُّنْيَا، الَّتِي لَا يُعَانُ مَنْ طَلَبَهَا، وَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْطَاهَا. اهــ.
ولا حرج في تمني الإمامة في المسجد الحرام؛ لأن هذا من تمني الخير، إلا إذا كان الباعث على حب الإمامة فيه الرغبة في الشهرة، والظهور.
وانظر للفائدة الفتوى: 370444، والفتوى: 348184.
والله تعالى أعلم.