عنوان الفتوى : أنواع الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما أنواع الوحي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد كان الوحي الذي يأتيه صلى الله عليه وسلم أنواعا: أحدها: الرؤيا، قال عبيد بن عمر: رؤيا الأنبياء وحي. ثم قرأ: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [الصافات: 102]. الثاني: ما كان الملك يلقيه في روعه -أي قلبه- من غير أن يراه، كما قال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نَفَثَ في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته. الثالث: أن الملك يتمثل له رجلا فيخاطبه، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحيانا. الرابع: أنه كان يأتيه مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليه فيفصم عنه وإن جبينه لَيَتَفَصَّد عرقا في اليوم الشديد البرد، وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض، وجاءه مرة وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فكادت تُرَضُّ. الخامس: ما أوحاه الله له فوق السماوات ليلة المعراج، من فرض الصلاة وغيرها. قال ابن القيم رحمه الله: أول ما أوحى إليه ربه: أن يقرأ باسم ربه الذي خلق، وذلك أول نبوته صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره بالتبليغ، ثم أنزل الله عليه: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ [المدثر:1-2]. وأرسله بياأيها المدثر، ثم أمره: أن ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حولهم من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين. فأقام بضعة عشر سنة ينذر بالدعوة من غير قتال ولا جزية، ويأمره الله بالكف والصبر، ثم أذن له في الهجرة، وأذن له في القتال، ثم أمره أن يقاتل من قاتله، ويكف عمن لم يقاتله، ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله. والله أعلم.