عنوان الفتوى : حكم من أنكر ظهور المهدي والأحاديث الدالة عليه
أعلم أن إنكار المتواتر هو كفر بالله عز وجل، وقد رأيت في إحدى الفتاوى: وقد سئل ابن حجر الهيتمي عمن أنكر المهدي الموعود به. فأجاب: أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا، فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردته، فيقتل. وإن لم يكن لإنكار السنة وإنما هو محض عناد لأئمة الإسلام، فهو يقتضي التعزير البليغ، والإهانة بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس، وضرب، وصفع وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح. ويرجعه إلى الحق راغماً على أنفه، ويرده إلى اعتقاده ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره. انتهى.والأحاديث عن المهدي متواترة. فهل هو لا يكفّر لوجود شبهة أو ما أشبه ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أنكر المتواتر بعد العلم به من غير تأول، يكون كافراً، كما قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: والحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة, إلا بإنكار متواتر من الشريعة عن صاحبها, فإنه حينئذ يكون مكذبا للشرع. اهـ.
وذكر شيخ الإسلام في المجموع 12/497 قريبا من هذا حيث يقول عن الواجبات المتواترة، والمحرمات المتواترة: والجاحد لها كافر بالاتفاق. اهـ.
وقال إسحاق بن راهويه: من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته، ثم رده بغير تقية، فهو كافر.
وقال السيوطي: من أنكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه، كفر وخرج عن دائرة الإسلام. اهـ.
ولكنه لا بد في تكفير المعين من إقامة الحجة عليه، وإزالة شبهته كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتُبيَّن له المحجة. ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه ذلك بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. اهـ.
وفي شأن تواتر أحاديث المهدي، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية كما زعم ذلك بعض المتأخرين فهو قول باطل; لأن أحاديث خروجه في آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا، قد تواترت تواترا معنويا وكثرت جدا، واستفاضت، كما صرح بذلك جماعة من العلماء, منهم أبو الحسن الآبري السجستاني من علماء القرن الرابع, والعلامة السفاريني، والعلامة الشوكاني وغيرهم, وهو كالإجماع من أهل العلم. انتهى.
والله أعلم.