عنوان الفتوى : هل يلزمها طاعة زوجها في ترك لبس النقاب وهي ترى وجوبه؟
زوجى لا يريد أن أرتدى النقاب، وقد علمت أن كثيرا من العلماء يرون أن النقاب واجب، وليس مستحبا، وقد استمعت لكثير من آراء العلماء على اليوتيوب، واقتنعت أنه فرض، وهو لا يريد النقاب؛ لأنه خائف من الاضطهاد للمنتقبات فى مصر، وعندما سألت صديقاتي المنتقبات عن ذلك، فقلن: لا يوجد أى نوع من المضايقات، أو الاضطهاد. وقال زوجي لى أيضا: من أسباب رفضه النقاب أنه لن يميزني فى الشارع، والنقاب سيمنعنا متعا مباحة فى الدنيا، مثل: التنزه فى الخارج، والأكل فى المطاعم، ويقول: إنه لا يحب اللون الاسود، ولا يحب شكل النقاب، وإننا فى غنى عن النقاب، طالما أنا ملتزمة بالحجاب الشرعى، تغطية كل البدن ماعدا الوجه والكفين، وهو أيضا يشكك فى فرضية النقاب، ويقول: إنك فى الصلاة تكتشفين وجهك وكفيك، وإذا كان النقاب فرض لماذا تصلى بدونه بأمر من الله؟ فماذا أفعل معه؛ كى أقنعه بالنقاب، أخشى من حساب الله تعالى يوم القيامة إذا كان النقاب فرض، وإذا كان مستحب أخشى أن يفوتنى ثواب كبير؟
الحمد لله.
أولا:
يلزم المرأة ستر وجهها عن الرجال الأجانب في أصح قولي العلماء، كما بينا ذلك في جواب السؤال رقم: (11774)، ورقم: (263354) وبينا أن هذا قول جماهير الفقهاء.
فالنصيحة أن تطلعي زوجك على هاتين الفتويين.
ثانيا:
عورة المرأة في الصلاة تختلف عن عورتها في النظر، ففي الصلاة تكشف وجهها ويديها، وفي النظر تستر جميع بدنها، وهذا ما دلت عليه الأدلة، وبينه أهل العلم.
قال البهوتي في "كشاف القناع" (1/316): "( وهما ) أي: الكفان (والوجه)، من الحرة البالغة: ( عورة خارجها )، أي : الصلاة ، ( باعتبار النظر،كبقية بدنه ) ؛ لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم : (المرأة عورة)" انتهى.
ولو صلت بحيث يراها الرجال الأجانب لزمها ستر وجهها وكفيها.
ثالثا:
لا يلزم أن يكون الستر باللون الأسود، فيجوز للمرأة أن تلبس ألوانا أخرى غير لافتة، كالبني والكُحلي ونحو ذلك.
ولا يعجز الرجل عن تمييز زوجته ولو لبست النقاب، ولا يضره لو عجز عن معرفتها بين النساء، فيمكنه الوصول إليها بالاتصال مثلا.
رابعا:
لا ينبغي الاعتماد على الظنون والأوهام بشأن المضايقات، فآلاف النساء يلبسن النقاب في بلد السائلة دون إشكال.
ولبس النقاب لا يحرم المرأة ولا الأسرة من التنزه أو الأكل في المطاعم.
خامسا:
ليس للزوج أن يأمر زوجته بكشف وجهها ما دامت الزوجة ترى الوجوب؛ لأن ذلك يوقعها فيما تراه معصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (7257)، ومسلم (1840).
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد (1098).
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"هل لي أن أعصي زوجي إذا طلب مني أن أكشف وجهي أمام الأجانب ؟ وهل هذا الأمر ينطبق عليه " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ؟ مع العلم من الاختلاف بين العلماء في حكم تغطية الوجه ، وهل يحل لي أن أكشف وجهي وأنا في بيتي عند وجود أهل زوجي من الرجال ، أو عندما أفتح الباب لمحصل الكهرباء أو الغاز أو عندما أخرج للشرفة لنشر الملابس مع التزامي بالحجاب الكامل دون غطاء الوجه ؟ .
فأجابوا :
يحرم على الزوجة طاعة زوجها فيما حرم الله؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ومن ذلك : كشف وجهها أمام غير محارمها من الرجال ، سواء كانوا من أقاربه، أم أقاربها، أم غيرهم، في البيت، وخارج البيت، وفي الشرفة، وعند فتح الباب لمحصل الكهرباء والضيوف ، ولا يكون الحجاب كاملا إلا بالمحافظة على ما ذكر.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/ 257-258).
وهذا من المسائل التي لو اختلف فيها الزوجان، فإن الزوجة تلزم رأيها، ولا تطيع زوجها.
يقول د. محمد إبراهيم العبادي:
" أثر الخلاف الفقهي بين الزوجين على الأمور الشخصية التي تراها الزوجة واجبة عليها، أو محرمة عليها.
فمثلا: إن رأت الزوجة وجوب ستر الوجه، ورأى الزوج عدم وجوبه، فليس من حقه نهيها عنه.
ولا يقال بأن طاعة الزوج قطيعة، وهذه مسألة ظنية، لأن طاعة الزوج قطيعة في أمور الاستمتاع وتوابعها، مما ذكرناه من قبل، أما فيها عدا ذلك: فليست قطعية.
والإنسان متعبد لله بما يراه صوابا؛ سواء أكان باجتهاده، إن كان مجتهدا، أو بتقليده، إن كان مقلدا" انتهى، من بحث "حدود طاعة المرأة لزوجها في الفقه الإسلامي"، المجلة العالمية للدراسات الفقهية والأصولية" (مج2/ع2/ص 83).
وينظر ما سبق بيانه حول هذه المسالة في جواب السؤال رقم:(97125).
والله أعلم.