عنوان الفتوى : التعرض لكتب السنة بالنقد.. ضوابط وأسس
السلام عليكم ورحمة الله هل كل ما في كتب الصحاح للحديث النبوي الشريف أحاديث صحيحة؟ ولا يجوز مناقشتها من أهل العلم في العصور الحديثة؟ وإن كانت صحيحة كلها، لأن فلانا قال إنها صحيحة، فما مصداق الآية الكريمة -ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا-- جزاكم الله خيرا على جهودكم الطيبة والسلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلم يكتب الله تعالى العصمة إلا لكتابه، إذ أن القرآن الذي بين أيدينا قد نقل إلينا بالتواتر، فهو قطعي الثبوت، وأما غيره من كتب السنة النبوية ففيها من الأحاديث النبوية ما نقل إلينا بالتواتر، فهو كذلك قطعي الثبوت، وفيها ما نقل إلينا من طريق الآحاد، فهو ظني الثبوت. ومن هنا نقول: إنه لم يقل أحد من أهل العلم إنه لا يجوز التعرض لكتب السنة بالنقد لأحاديثها، إذا كان ذلك وفقا للضوابط الشرعية والأسس العلمية التي وضعها علماء الحديث، وإنما ذكرنا هذه القيود لئلا يتجرأ متنطع قليل البضاعة في معرفة علم الجرح والتعديل فيتطاول على أولئك العلماء، فيضعف بعض الأحاديث بدون تمحيص وتدقيق، والأدهى والأمر، أن يتخذ هذا التضعيف وسيلة إلى تشكيك الأمة في ثقتها بعلمائها، كما فعل ذلك المستشرقون، وكما فعل ويفعل أذنابهم من أبناء المسلمين. وبخصوص الآية التي ذكرتها، فهي أولاً قد نزلت بشأن القرآن الكريم في قوله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82]. ثم إن السنة موحى بها من الله تعالى، لقوله: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 3-4]. وقوله: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل: 44]. فالذكر هنا هو السنة المبينة والشارحة للقرآن. والآية الكريمة تبين أن ما جاء من عند غير الله فيه الاختلاف الكثير، وهذا معلوم مشاهد، أما الكتاب والسنة الصحيحة، فلا اختلاف فيهما ولا تضاد، وإنما الخلاف يحصل في فهمهما. والله أعلم.