عنوان الفتوى : بين الصلاة والخطبة فروق
هل تعتبر خطبة الجمعة بدل الركعتين للظهر؟ وما يكون الحكم إذا قلنا؟ وما هي الآراء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالصحيح أن الخطبة ليست بدلا عن ركعتي الظهر، يدل على ذلك ما أخرجه مسلم وابن خزيمة في صحيحيهما عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع كعتين وليتجوز فيهما. فلو كانت الخطبتان بدلا عن الركعتين، لأغنت من دخل عن التحية. وقد تكلم عن هذه المسألة الإمام العراقي في "طرح التثريب" وأطال وذكر الحجج، فليراجع. ومما قاله رحمه الله: والخطبة صلاة مردود من أوجه: (أحدها) أنه إذا دخل والإمام في الصلاة أجزأه ذلك عن التحية، لأن المقصود شغل البقعة بالصلاة وقد حصل، صرح به أصحابنا. (الثاني) ما بين الصلاة والخطبة من الفرق، وقد فرق بينهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. وأمر الداخل والإمام يخطب، بصلاة التحية، فلا يجمع بين ما فرق بينهما صاحب الشرع، وليست الخطبة بصلاة حقيقة إجماعا، ونهاية ما قيل إن الخطبتين بدل عن الركعتين على قول. (والثالث) أنه لا يحرم فيها ما يحرم في الصلاة من الكلام والعمل كما زعم، فإنه يجوز أن يتكلم الخطيب في أثنائها بأمر أجنبي عنها وينزل عن المنبر ويمشي، ويشرب ويأكل اليسير الذي لا يحصل به التفريق، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي رفاعة قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال يا رسول الله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك الخطبة حتى انتهى، فأتي بكرسي خلت قوائمه حديدا، فقعد عليه وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. فإن قال: فلعل ما علمه للأعرابي مما يصلح أن يؤتى به من الخطبة، قلنا: نعم يجوز، لكن لا تجوز المخاطبة بالتعليم في الصلاة، ولا النزول والمشي والصعود على كرسي آخر مع توالي ذلك، فهو فعل كثير، وجوز كثير من العلماء الخطبة محدثا، ولا كذلك الصلاة إجماعا، بل جوز أحمد أن يخطب جنبا ثم يغتسل ويصلي بهم، والصلاة يشترط فيها استقبال القبلة، والخطبة يشترط فيها استدبارها، فكيف يستويان؟! وذهب الحنابلة في الصحيح عندهم إلى أن الخطبتين بدل عن الركعتين. والله أعلم.