عنوان الفتوى : محل جواز هجر الناشز في المضجع
أنا رجل متزوج، وقد رزقني الله بثلاثة أولاد: بنت وولدين. وأنا رجل أعمل في الخارج، وأزور بيتي كل فترة تتراوح تقريبا بين كل شهرين إلى ثلاثة أشهر. ومنذ 3 ثلاثة أشهر تقريبا، حدث خلاف بيني وبين زوجتي في بعض الأمور خلال الهاتف، ثم تركت البيت، وذهبت إلي بيت أهلها بدون إذني. وقد مكثت هناك قرابة أربعة أيام، إلى أن رجعت في اليوم السادس، وجلست معها، ومع ولي أمرها، وتناقشنا في الموضوع. وأقر ولي أمرها بخطئها، وأجبرها على التأسف لي، وقد سامحتها. واتفقنا على أن لا تترك بيتها بدون إذن مرة أخرى، لأي حال من الأحوال مهما حدث بيننا. وقد وعدتني بأن لا تقوم بمثل تلك الأمور مرة أخرى، وأن تراعي ظروف سفري، وأن لا تترك البيت. وإن حدث أترك أنا البيت حتى يهدأ الحال، ونرى كيف نحل المشكلة، علما بأنني متزوج منذ قرابة اثني عشرة سنة، ولله الحمد، لم يحدث أي شقاق بيننا. ومنذ عشرين يوما تقريبا، نزلت إلى مصر لزيارة أهلي، ورؤية زوجتي وأولادي، وكنت مشتاقا إلى زوجتي بشدة؛ لأني كنت مسافرا عنها لمدة ثلاثة أشهر تقريبا أو أقل، وكانت فترة الإجازة المصرح لي بها هي 8 أيام لا أكثر. وهي تعلم ذلك، وقد اتفقنا على ألا يشوب هذه الفترة الوجيزة أي خلاف، وأن نقضي مع بعضنا أطول فترة ممكنة؛ لاشتياقي إليها كزوج. وبعد يومين من الوصول، حدث خلاف صغير بيني وبينها، وكان السبب أنها تريد أن أنفذ كلامها، ولا أنفذ ما أريد، وهو في مصلحة البيت والأولاد؛ فوجدتها قد غضبت كثيرا، وانعزلت عني لمدة أربعة أيام لم تسأل عني، ولا تحاول حتى الرجوع لرشدها بالتأسف، أو الاعتذار. وفي اليوم الخامس قبل السفر بيوم، طلبت ولي أمرها مرة أخرى؛ لكي يعلم ما تفعله ابنته، لأني أحترق من انعزالها، وعدم اهتمامها بي. فجلست معها ومع ولي أمرها، وأقر ولي أمرها بأنها مخطئة، وعنفها ونهرها، ثم قامت واعتذرت. ولكن للأسف أنا من داخلي لم أقبل الاعتذار؛ لأنها قد أضاعت فترة الإجازة في الخلافات، وهي تعلم أنني سوف أقوم بالسفر مرة أخرى لمدة ثلاثة أشهر بعيدا عنها. فقررت أن أهجرها في الفراش؛ لكي تتعلم بأن ما فعلته خطأ كبير بالنسبة لي، علما بأنها قد حاولت الاعتذار أكثر من مرة، ولكنني من داخلي لم أكن راضيا عن اعتذارها. ثم بعد ذلك بيوم، حان ميعاد السفر، وسافرت بعد أن سلمت عليها، وعلى أولادي. وبعدها بيومين اثنين أخذت الأولاد وملابسهم وأغراضهم، وذهبت إلى بيت أبيها بدون إذني مرة أخرى؛ فتحدثت مع ولي أمرها، ولم يقم بتقديم أي إجابة لي عن سبب تركها لبيت زوجها، علما بأنه يعلم بأنها مخطئة. وعندما تحدثت إليه، وشرحت له بأن من حقي أن أهجر زوجتي؛ لكي تشعر بخطئها، أقر بحقي في ذلك. وهي تقيم الآن في بيت أبيها، وتاركة لبيت زوجها، علما بأنني قد أبلغت ولي أمرها بأن ما تفعله ابنته هو نشوز لزوجها؛ لتركها زوجها قرابة أربعة أيام دون رعاية، وتركها بيت زوجها بدون إذن. فأرجو من سيادتكم التكرم بوصف حل لذلك الأمر. وما هي حقوقي الشرعية؟ وكيف أعالج مثل تلك الأمور؟ أقسم بالله العظيم بأن كل ما كتبته سابقا، لم أزد أو أحذف منه حرفا مما حدث بيننا. والله على ما أقول شهيد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق زوجتك الخروج من البيت لغير ضرورة، مع نهيك لها عن الخروج.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب: إذا كان زوجها حاضراً، فلا يجوز لها أن تخرج إلا بإذنه. وإذا كان غائباً فلها أن تخرج ما لم يمنعها، ويقول لها لا تخرجي. فإذا منعها؛ فله الحق. اهـ.
واعلم أنّ الراجح عندنا أنّه ليس للزوج هجر زوجته في المضجع عند ظهور علامات النشوز؛ إلا إذا لم يفد الوعظ معها.
قال الدردير المالكي -رحمه الله-: والوعظ التذكير بما يلين القلب لقبول الطاعة، واجتناب المنكر. ثم إذا لم يفد الوعظ هجرها: أي تجنبها في المضجع، فلا ينام معها في فرش، لعلها أن ترجع عما هي عليه من المخالفة. ثم إذا لم يفد الهجر ضربها: أي جاز له ضربها ضربا غير مبرح، وهو الذي لا يكسر عظما، ولا يشين جارحة. ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع، فلها التطليق عليه والقصاص، ولا ينتقل لحالة حتى يظن أن التي قبلها لا تفيد. اهـ.
والذي ننصحك به أن تتفاهم مع زوجتك، وتبين لها وجوب طاعتها لك في المعروف، وعظم حقّك عليها، كما بيناه في الفتوى ذات الرقم: 174877
وينبغي عليك أن تقبل اعتذارها، وتتجاوز عن هفواتها، وأن تحرصا على تجنب أسباب الخلاف، وتجتهدا في إقامة حدود الله، والتعاون على طاعة الله، والتقرب إليه.
والله أعلم.