عنوان الفتوى : تقديم اسم سليمان عليه السلام في قوله تعالى: (إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمن الرحيم).
لماذا قدم سيدنا سليمان عليه السلام اسمه على اسم الله تعالى في خطابه مع ملكه سبأ: (إِنَّهُۥ مِن سُلَیۡمَـٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ) سورة النمل/30؟
الحمد لله.
قال تعالى في قصة سليمان: قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) النمل/29-31.
"أي: لا تكونوا فوقي بل اخضعوا تحت سلطاني، وانقادوا لأوامري وأقبلوا إلي مسلمين.
وهذا في غاية الوجازة مع البيان التام؛ فإنه تضمن نهيهم عن العلو عليه، والبقاء على حالهم التي هم عليها، والانقياد لأمره، والدخول تحت طاعته، ومجيئهم إليه ودعوتهم إلى الإسلام.
وفيه استحباب ابتداء الكتب بالبسملة كاملة، وتقديم الاسم في أول عنوان الكتاب".
انتهى من"تفسير السعدي"(ص604).
"والمعنى الإجمالي: قالت الملكة لأشراف قومها، بعد أن أخذت الكتاب وقرأته، ورأت ما رأت من أمر الهدهد، في دخوله وإلقائه الكتاب إليها وتنحيه، وغير ذلك مما يُعرب عن عظمة مرسله.
.. إن هذا الكتاب من سليمان نبي الله، وإن مفتتحه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ولم يسبق بها كتاب قبله، وإن مضمونه ألَاّ تعلوا عليّ وائتوني خاضعين، ولا تتكبروا وتتجبروا وتأْخذكم العزة بالإثم فتجنحُوا إلى العصيان والتمرد، أو ائتونى مسلمين، مؤمنين بدعوتى طائعين منقادين لرسالتى، ففي هذا أَمنكم، وأَمانكم، وسلامة دنياكم وسعادة آخرتكم".
انتهى من"التفسير الوسيط"(7/ 1677).
وفي الجواب عن سبب تقديم (سليمان) عليه السلام لاسمه على البسملة أجوبة منها:
1- أنه من تعظيم اسم الله تعالى ، قال أبو حفص النسفي ، قال: " وقوله تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ): قيل: كان هذا عنوانَ الكتاب (وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) هذا مضمونه.
وقيل: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ) كان في أول السطر في الداخل، وإنما بدأ به لأن بِسْمِ اللَّهِ كان لا يأمن أن تستخِفَّ به بلقيس، فقال: لو استخَفَّت به بلقيس كان باسمي لا باسم اللَّه، وكان ذلك تعظيمًا لاسم اللَّه، لا تقديمًا لاسمه".
انتهى من "التيسير في التفسير" (11/347).
2- ما ذكره القسطلاني، وهو : أن قول (إنه من سليمان) كلام بلقيس، وأن الحكاية وقعت لكلامها، فإنها قالت : (إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمن الرحيم).
"إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" (1/79).
وقال ابن عاشور: "وقوله: (إنه من سليمان) هو من كلام الملكة، ابتدأت به مخاطبة أهل مشورتها، لإيقاظ أفهامهم إلى التدبر في مغزاه، لأن اللائق بسليمان أن لا يقدم في كتابه شيئا قبل اسم الله تعالى، وأن معرفة اسم سليمان تؤخذ من ختمه، وهو خارج الكتاب؛ فلذلك ابتدأت به أيضًا" انتهى من "التحرير والتنوير" (19/259).
وقد جمع هذه الأوجه الرازي، فقال : " إن قال قائل لم قدم سليمان عليه السلام اسم نفسه على اسم الله تعالى في قوله: (إنه من سليمان)؟
فالجواب من وجوه:
الأول: أن بلقيس لما وجدت ذلك الكتاب موضوعا على وسادتها، ولم يكن لأحد إليها طريق، ورأت الهدهد واقفًا على طرف الجدار، علمت أن ذلك الكتاب من سليمان، فأخذت الكتاب وقالت: (إنه من سليمان)، فلما فتحت الكتاب ورأت بسم الله الرحمن الرحيم قالت: (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم)، فقوله: (إنه من سليمان) من كلام بلقيس لا كلام سليمان.
الثاني: لعل سليمان كتب على عنوان الكتاب إنه من سليمان، وفي داخل الكتاب ابتدأ بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، كما هو العادة في جميع الكتب، فلما أخذت بلقيس ذلك الكتاب قرأت ما في عنوانه، فقالت: إنه من سليمان، فلما فتحت الكتاب قرأت: بسم الله الرحمن الرحيم، فقالت: (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم).
الثالث: أن بلقيس كانت كافرة فخاف سليمان أن تشتم الله إذا نظرت في الكتاب فقدم اسم نفسه على اسم الله تعالى، ليكون الشتم له لا لله تعالى".
انتهى من "تفسير الرازي" (1/153).
وينظر : "زاد المسير في علم التفسير" (3/360)، "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير" (3/56).
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |