عنوان الفتوى : إذا وقف وقفا ولم يخرج من يده حتى مات
رجل توفي وترك منزلاً من ثلاثة طوابق، وجعل في الطابق السفلى غرفة وقف، وقد باع الورثة المنزل ب180 ألف ريال وأخرجوا لغرفة الوقف عشرين ألف ريال،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقبل الدخول في الجواب عن السؤال نقول للسائل إن مسائل الوقف من الأمور الشائكة التي يتعين الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية، نظراً لما يتعلق بها من الحقوق وبما يكتنفها من الخلفيات الغامضة التي تحتاج إلى التدقيق والتحقيق في جميع ملابساتها، الأمر الذي يجعل الرجوع فيها إلى القضاء أمراً ضرورياً.. أما الجواب عن السؤال فهو: أن هذه الغرفة إما أن تكون قد حيزت من قبل الجهة الموقوفة عليها في حياة الواقف، وإما أن لا تكون قد حيزت حتى مات الواقف وهي تحت يده. ففي الحالة الأولى وقف الغرفة صحيح، ولا يجوز التصرف فيها ببيع ولا غيره إلا لمصلحة اقتضت ذلك، إذ الأصل أن الوقف لا يجوز بيعه، والمصلحة هنا يحددها ناظر الوقف أو القاضي، وتصرف الورثة فيها بالبيع تصرف في مال الغير. أما إذا كانت الغرفة لم يحزها من وقفت عليه وظلت تحت يد الواقف حتى مات، ففي هذه الحالة -وهي الحالة الثانية- يجري الخلاف المشهور بين أهل العلم في اشتراط قبض الموقوف قبل حصول المانع وعدم اشتراطه، وقد سئل شيخ الإسلام عن هذا، فأجاب: إذا وقف وقفا، ولم يخرج من يده ففيه قولان مشهوران لأهل العلم: أحدهما: يبطل وهو مذهب مالك والإمام أحمد في إحدى الروايتين، وقول أبي حنيفة وصاحبه محمد . والثاني: يلزم وهو مذهب الشافعي والإمام أحمد في إحدى الروايتين عن أحمد. والقول الثاني في مذهب أبي حنيفة وقول أبي يوسف. انتهى. فالمسألة كما ترى فيها بذاتها من الاحتمالات والتعقيد -زيادة على ما في موضوع الوقف من التشابك واختلاف أهل العلم في مسائله- ما لا تفيد فيه فتوى مفتٍ، ولا بد فيها من الرجوع إلى القضاء الشرعي كما قدمنا. والله أعلم.