عنوان الفتوى : حكم التوقف في تكفير المعين
حكم التوقف في تكفير المعين، بحيث يسأل الشخص: ما حكم فلان من الناس -والأصل في فلان الإسلام، ولكن اختلف العلماء فيه- فيجيب المسؤول: الله أعلم، هل هو كافر أو مسلم، فهل هذا الجواب من مذهب أهل السنة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا السؤال بشكل كاف.
وعلى أية حال: فالمسلم الأصلي يُستصحَب حكم إسلامه، ولا يزول عنه إلا بقين، فيقال في حقه: هو مسلم.
ولا يصح التوقف، أو التردد في وصفه بالإسلام، كما لا يجوز الحكم بكفره تعيينًا، إلا بعد استيفاء شروط التكفير، وزوال موانعه، وليس هذا بالأمر الهين.
وهنا يجب التفريق بين الفعل والفاعل، فالمسلم إذا فعل فعلًا كفريًّا، ليس بالضرورة أن يحكم بكفره، فقد يقوم به مانع من موانع التكفير، كالإكراه، أو الجهل، أو التأويل، وقد سبق لنا الكلام عن خطورة الكلام في التكفير وضوابطه، وأن من ثبت إسلامه بقين، فلا يزول بالشك، فراجع في ذلك الفتاوى التالية: 721، 53835، 65312.
وهنا ننبه على ضرورة التفريق بين الأعمال التي لا تحتمل إلا الكفر، وبين ما يحتمل الكفر وغيره؟ وبين ما يحتمل العذر بجهل، أو تأول، أو غير ذلك، وبين ما لا يحتمل، قال الدكتور محمد الوهيبي في نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف بعد أن قرر قاعدة الحكم بالظاهر: هل ينطبق هذا الكلام على المسلم إذا أظهر الكفر، فيحكم بكفره بمجرد ذلك بناء على هذا الأصل ... يقال فيه: إن هناك فرقًا بين الحكم بإسلام المعين، والحكم بكفره، فالحكم بإسلامه يكفي فيه الإقرار، والظاهر، وهو إسلام حكمي، قد يكون معه المعين منافقًا في الباطن، أما الكفر فليس حكمًا على الظاهر فقط، وإنما هو حكم على الظاهر والباطن، بحيث لا يصح أن نحكم على معين بالكفر، مع احتمال أن يكون غير كافر على الحقيقة، ولذلك لا بدّ من النظر للعمل الذي عمله هذا المعين، هل هو أمر لا يحتمل غير الكفر؟ أم أمر يحتمل الكفر وعدمه؟ أم إن الأمر كفر في ظاهره، ولكن يحتمل أن يكون معذورًا بجهل، أو تأول. اهـ.
وننبه أيضًا على الفرق بين الحكم بإسلام المعين وبين الحكم بكفره، قال الدكتور عبد الله القرني في رسالته العلمية: (ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة): إسلام المعين يكفي فيه مجرد الإقرار الظاهر، ثم يلزم بعد ذلك بلوازمه، وهو إسلام حكمي، قد يكون المعين معه منافقًا في الباطن؛ أما الكفر فليس حكماً على الظاهر فقط، وإنما هو حكم على الظاهر والباطن معًا، بحيث لا يصح لنا أن نحكم على معين بالكفر، مع احتمال أن يكون غير كافر على الحقيقة، وليس هذا من جهة أننا قد نخطئ في اجتهادنا في تكفير المعين، وإنَّما من جهة احتمال إمكان أن يكون مؤمنًا في الباطن مع الحكم عليه بالكفر في الظاهر؛ ولهذا لا بدّ من شروط تستوفى قبل الحكم على المعين بالكفر، لا بمجرد الفعل الظاهر. اهـ.
والله أعلم.