عنوان الفتوى : هل للأب أن يرفض الخاطب لفارق السن الكبير بينه وبين ابنته؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نريد الاستشارة في أمر فتاة عمرها ١٦عاما، تقدم لها رجل ذو حسب ونسب ومال ودين وصلاح وحلو المعشر، هذا ما قيل عنه والله أعلم، عمره ٥٠ عاما، مع العلم إنه متزوج، ولديه ٧ أولاد؛ أكبرهم ٢٥ عاما؛ وهي ترغب بالزواج منه؛ لتعف نفسها، وتحفظ دينها، مع العلم إنها ذات حسن وجمال وحسب ونسب ومال، ولكن والدها يرفض رفضا تاما لعدم التوافق العمري، وخوفا من نقد المجتمع، علما بأن البنت ذات خلق، وعندها رغبة شديدة، وملحة في الزواج، وتخاف من ذلك على دينها، مع العلم إن مثل هذه الحالات قد وجدت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، أمل إفادتنا في ذلك.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله.

أولا:

الواجب على الولي إذا كان عنده بنت تريد أن تتزوج أن يسعى في تزويجها، ولا يجوز له أن يقصر في ذلك، فذلك من حقوق الأولاد على آبائهم.

وكلما بادر بذلك كان أفضل وأحسن، لا سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الفساد والفتن،

وليعلم الولي أنه مسئول عن ذلك أمام الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (844)، ومسلم (3408).

وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (220945) أنه يجب على الأب أن يزوج أولاده الذكور إذا كانوا في حاجة إلى الزواج، وكان معه من المال ما يكفي لذلك.

فيجب عليه ذلك في حق ابنته من باب أولى.

ثانيا:

يجب على الأب أن يعمل لمصلحة ابنته ، فيختار لها من يراه مناسبا لها، ذا دين وخلق ... وغير ذلك من الصفات التي يستحسن أن تتوفر في الزوج.

ومن ذلك: أن يختار زوجا ذا عمر مناسب لعمر ابنته، فإن فارق السن الكبير ليس من مصلحة ابنته في أمر عيشها وزواجها، واستقامة حياتها، في الغالب الأعم من الأحوال، وكلما كان فارق السن صغيرا، كان ذلك أدعى للوفاق بين الزوجين.

روى النسائي (3234) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضى الله عنهما فَاطِمَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :( إِنَّهَا صَغِيرَةٌ)، فَخَطَبَهَا عَلِىٌّ، فَزَوَّجَهَا مِنْهُ. وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي".

قال السندي في حاشيته: "فيه أنَّ الموافقة في السِّن أو المقاربة مرعيةٌ؛ لكونها أقرب إلى المؤالفة".

وقال الشيخ الأثيوبي رحمه الله في "شرح سنن النسائي" (27/57):

"فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم : (إِنَّهَا صَغِيرَةٌ) أي : وكلّ منكما لا يوافقها في السنّ، والمقصود من النكاح دوام الألفة، وبقاء العشرة، فإذا كان أحد الزوجين في غير سنّ الآخر، لم يحصل الغرض كاملاً، فربّما أدّى إلى الفُرقة المنافية لمقصود النكاح" انتهى.

فيؤخذ من هذا أن مراعاة تقارب السن مطلوبة، فلا حرج على أبيك إذا رفض هذا الخاطب، وعليه أن يسعى في تزويجك بمن هو مناسب لك.

وما ذكر من مراعاة مصلحة البنت، ومراعاة ما جرى به العرف: كل ذلك أمر معتبر، لا عيب فيه، ولا مأخذ على الولي إذا اعتبره وراعاه.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، ويرزقك زوجا صالحا.

والله أعلم.