عنوان الفتوى : طلاق الغضبان بين الوقوع وعدمه
أنا رجل متزوج، ولي أولاد، وأعيش في دولة أوروبية، طلقت زوجتي عدة مرات أربعة أو خمسة، لا أدري كم عدد الطلقات؛ لأني كنت في حالة غضب شديد. انتفخت أوداجي، وارتفعت حرارتي، وأصبحت أرتعش. وقمت بضرب زوجتي بخشبة، وانكسرت على ذراعها، وأصبحت أركض كالمجنون، ولا أعي ما أقول. أغلق على عقلي من كل مكان، وما كنت أنوي طلاقها، والله على ما أقول شهيد، وأنا أعيش في دولة أوربية، وأخشى على نفسي وعائلتي الفتنة. مع العلم أنها المرة الأخيرة من الطلاق، وقد رجعت مسبقا بموجب فتوى شرعية. ازداد غضبي جدا، وأنا في الحقيقه رجل عصبي جدا، والله هذه الطلقات إنما دفعت دفعا، ولا أعرف ماذا أفعل. أفتوني -جزاكم الله كل خير- لايوجد لدينا محكمة شرعية، وأنا الآن أجتمع بها وأراها. في الحقيقه الوضع سيء في بلدتي، ولا أستطيع تركها وحدها؛ خوفا عليها من أن يعتدي عليها أحد. وهي الآن بحاجة ماسة إلى حمايتي. عندما طلقتها لم أكن أعلم أنها حائض. اعتقدت أنها طهرت. أنا الآن وضعي في أوربا صعب، والقوانين تشجع على الطلاق، وضياع الأسرة. لا أعرف ماذا أفعل. وهل لي أن أراجعها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال -كما ذكرت- من كون الغضب قد اشتد بك حتى تلفظت بالطلاق غير مدرك لما تقول، فطلاقك غير نافذ، ولا حاجة بك إلى رجعة، وأمّا إن كنت طلقت زوجتك مدركاً لما تقول، فطلاقك نافذ، ولو كانت حائضاً، وهذا قول أكثر أهل العلم. وراجع الفتوى رقم: 337432.
ونصيحتنا لك أن تعرض مسألتك على أهل العلم في المركز الإسلامي في بلدكم، كما ننصحك أن تتقي الله تعالى، وتحذر من الاندفاع والاسترسال مع الغضب؛ فإنّه مفتاح الشر، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- أَوْصِنِي قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري. قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. اهـ
والله أعلم.