عنوان الفتوى : من تلفت السلعة في يده في السوق... الحكم... والواجب
كنت في أحد الأسواق، ودون قصد وقعت من يدي سلعة وتكسرت، أعدتها لمكانها وخرجت. ماذا يترتب علي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي ما حصل منك تفصيل، وهو أن السلعة التي أخذتها للنظر فيها إن كان صاحبها عرضها ليراها الراغب فيها، ويقلبها وينظر إليها، فإن أعجبته اشتراها وإلا تركها. وقد أخذتها لتنظر أتعجبك أم لا؟ ووقعت منك دون تفريط أو إهمال، فلا ضمان عليك فيما نص عليه بعض أهل العلم.
جاء في الإتقان والإحكام شرح تحفة الحكام: أن من أخذ آنية فخار، أو زجاجا ليقلبها ويتأملها، فسقطت من يده من غير تفريط، ولا عمد فانكسرت فإنه إن أذن له صاحبها في التقليب لا ضمان عليه فيها، وإن أخذها من غير إذن صاحبها ضمنها. اهـ.
وأما لو كانت السلعة مما لا يحتاج إلى تقليب ونظر، أو لا يأذن صاحبها في ذلك، فأخذتها دون إذنه، فعليك ضمانها، وحينئذ يلزمك أن تُعلِم صاحب السلعة بما حصل منك. فإن سامحك وأبرأك، برئت ذمتك، وإلا فعليك ضمان خطئك في إتلاف السلعة بما لم يؤذن لك فيه.
ومهما يكن من أمر، فالأولى أن تعود إلى صاحب المحل مطلقا، وتعلمه حتى لو كان ما حصل منك لا ضمان فيه، بناء على القول المذكور من أن المشتري إذا قلب ما يحتاج الى نظر وتقليب عن إذن، لا ضمان عليه. وهذا هو المتبادر مما ذكرت؛ لأن عرض السلع للمشترين على النحو المعروف في المحلات التجارية اليوم، يعتبر إذنا عرفا بالنظر فيما يحتاج منها إلى نظر وتقليب.
وقد ذكر العلماء قاعدة مفادها أن الإذن العرفي، يجري مجرى الإذن اللفظي، وممن ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القواعد النورانية.
فقد قال: الإذن العرفي في الإباحة أو التمليك، أو التصرف بطريق الوكالة كالإذن اللفظي، فكل واحد من الوكالة والإباحة ينعقد بما يدل عليها من قول وفعل، والعلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضا...إلخ.
والقرافي يعلل بذلك كثيرا في الذخيرة، يقول: لإذن العرف في ذلك ... ويقول: لأنه إذن في الشراء عرفا. اهـ.
ويقول العدوي في حاشيته: العرف كالشرط. اهـ. وهذا مما يدل على اعتبار مدلول العرف في الجملة.
وأصحاب المحلات عادة يعرضون بضاعتهم على الأرفف؛ ليراها الزبون، وينظر إلى ما يحتاج منها إلى نظر. فإذا رضيها ذهب إلى المحاسب وسلمه الثمن وأخذها. لكن قد يختلف الحال من مكان إلى مكان. ولذا كان الأحوط على كل حال الرجوع إلى البائع وإعلامه بما حصل.
وانظر الفتوى رقم: 80975.
والله أعلم.