عنوان الفتوى : هل المؤذن هو المسئول عن تقديم من يصلي بالناس عند غياب الإمام الراتب؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز لغير المؤذن أن يقدم مصليا من المصلين ليؤم الناس في حالة عدم قدوم الإمام والمؤذن موجود؟ على حسب علمي أنه من السنة أن المؤذن هو المسؤول بتقديم الإمام، ثم إقامة الصلاة، ولكن أريد أن أتاكد؛ فقد حدث معي موقف في المسجد، وهو أني كنت المؤذن، ولم يكن الإمام موجودا، فقمت قبل دقيقة من الإقامة لأرى مَنْ مِنَ المصلين الموجودين سأقدمه للإمامة، وفجأه قام مصل من المصلين فقدم أحدا يعرفه للإمامة، فقلت له: أخي إنه لا يجوز تقديم الإمام بحضور المؤذن، وأن المؤذن هو الذي يقدم الإمام للصلاة، واجتنابا للفتنة سكت، وأقمت الصلاة.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

إذا كان للمسجد إمام راتب فهو أحق بالإمامة إن كان موجودا؛ لما روى مسلم (673) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3 / 446): "وإمام المسجد الراتب أولى من غيره؛ لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان" انتهى .

وقال الحجاوي رحمه الله في زاد المستقنع: "وَإِمَامُ المَسْجِدِ أَحَقُّ إِلاَّ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ".

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " وقوله: وإمام المسجد أحق أي: أنَّ إمامَ المسجدِ أحقُّ مِن غيرِه، حتى وإنْ وُجِدَ مَن هو أقرأُ، فلو أنَّ إمامَ المسجدِ كان قارئاً يقرأ القرآن على وَجْهٍ تحصُلُ به براءةُ الذِّمَّةِ، وحضرَ رَجُلٌ عالمٌ قارئٌ فقيه، فالأَولى إمامُ المسجدِ؛ لقولِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: لا يُؤمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه، وإمامُ المسجدِ في مسجدِه سُلطانٌ فيه، ولهذا لا تُقامُ الصَّلاةُ إلا بحضورِه وإذنِهِ، حتى إنَّ بعضَ العلماءِ قال: لو أنَّ شخصاً أمَّ في مسجدٍ بدون إذنِ إمامِهِ فالصلاةُ باطلةٌ.

ولأننا لو قلنا: إنَّ الأقرأَ أَولى؛ حتى ولو كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ؛ لحصَلَ بذلك فوضى، وكان لهذا المسجدِ في كلِّ صلاةٍ إمامٌ" انتهى من "الشرح الممتع" (4/ 211).

فإن غاب الإمام الراتب قدم أهل المسجد أقرأهم، ولا اختصاص للمؤذن بهذا، بل هذا مما يشترك فيه أهل المسجد، وقد يحضر من هو أقرأ ولا يكون للمؤذن علم به أو لا ينتبه لوجوده.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "لا تجوز الإمامة في مسجد له إمام راتب إلا بإذنه أو عذره.

وإذا تأخر عن الحضور في الوقت المعتاد: فلا بأس أن يصلي بالناس من يصلح للإمامة من الحاضرين في الجمعة وغيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما تأخر أم الناس أبو بكر، وفي غزوة تبوك لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقته المعتاد في صلاة الفجر أم الناس عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلى بهم عبد الرحمن الركعة الأولى، فأراد عبد الرحمن أن يتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يكمل الصلاة، وصلى خلفه صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية، ثم قضى الركعة التي فاتته بعد السلام من الصلاة، أخرجه مسلم في (الصحيح) .

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية" (6/278).

وإذا جرت العادة، أو اصطلحت جماعة المسجد، على أن يكون المؤذن هو من يقدم أحدهم ليصلي بهم، إذا غاب الإمام، فلا بأس بذلك، وهو حسن، وهذا أدعى إلى استقامة الأمر، فلا يقدم أكثر من شخص، ولا يتنازع الناس فيمن يقدمون؛ وعليه أن يختار لإمامة الناس: أقرأهم، في غيبة الإمام الراتب، وألا يكون ذلك محاباة لشخص، أو يترك غيره بِغْضة له.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"(7/411) :

" إن بعض المؤذنين إذا تأخر الإمام الرسمي عن الوقت المعتاد أقام الصلاة، ثم يطلب من الجماعة أن يتقدم أحدهم وذلك بعد إقامة الصلاة، فهل يجوز ذلك، أم أنه لا بد أن يعين الإمام قبل أن تقام الصلاة، فإن لم يعين الإمام فماذا يحصل؟

فأجابوا:

" الأمر في ذلك واسع، يطلب من يؤمهم ويقيم، أو يقيم ويطلب من يؤمهم." انتهى.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(230107)، ورقم:(222241). 

والحاصل:

أنه سواء كان المؤذن هو من يقدم من ينوب عن الإمام، أو ارتضت جماعة المسجد شخصا يؤمهم في تلك الحال، فالأمر في ذلك واسع، على أن ينتظم أمر المسجد، ولا يحصل نزاع ولا شقاق، وتقام الصلاة بالناس على الوجه المشروع، ويؤم الناس أقرؤهم، وأولاهم بالإمامة في غيبة الإمام الراتب.

والله أعلم.