عنوان الفتوى : دوران الأرض حول الشمس ونفي حركة الشمس في منظار العلم
ما حكم قول إن الشمس ثابتة، وإن الأرض هي من تدور حول الشمس؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يحتمل عدة وجوه في المعنى، ولعل السائل يشير به إلى الخلاف المنتشر بين الناس في إثبات حركة كل من الأرض والشمس، ونسبة كل من الحركتين إلى الأخرى! أو الخلاف في: أي منهما - الشمس والأرض - يدور حول الآخر، وعلاقة ذلك بدلالات القرآن المجيد؟
وعلى أية حال فلا بد من التنبيه أولا على ضرورة التفريق بين القطعي والظني من الدلالات الشرعية، وبين ما هو مجمع عليه منها، وما هو مختلف فيه، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى لا بد من التفريق بين النظريات العلمية والحقائق العلمية، فالنظريات التي تفسر بعض الظواهر الكونية لا تعدو مجرد الاحتمال القابل للصواب والخطأ, بخلاف الحقائق العلمية الثابتة التي لا مجال للشك فيها بعد ثبوتها. وحركة الشمس والأرض, ونسبة كل واحد منها للآخر، ليس فيها حقيقة علمية ثابتة، وإنما هي نظريات علمية لا يزال فيها جدل علمي كبير بين أهل الاختصاص من العلماء. وقد أشرنا إلى ذلك في عدة فتاوى سابقة، منها الفتوى رقم: 226582. والفتوى رقم: 132984. والفتوى رقم: 231751.
وعلى ذلك، فمن يقول بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس، لا يمكن الجزم بصوابه أو خطئه، فالأمر يدور بين الظنون الراجحة والمرجوحة، ولا يعدو هذا الحد. والأهم في ذلك هو عدم الجزم بدلالة القرآن على هذا القول أو ضده، إلا من باب الاحتمالات الراجحة أو المرجوحة أيضا. وهذا كله في نسبية الحركة بين الأرض والشمس، وأما مجرد إثبات حركة لكل منهما، فهذا هو الصواب، ونفي الحركة بالكلية عن الشمس قول خاطئ مخالف للنظريات العلمية، ولظواهر الأدلة، كقوله تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ {يس:40}، وقوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ {الأنبياء:33}، وانظر الفتاوى التالية: 38644، 206848، 59419.
والله أعلم.