عنوان الفتوى : الرقى من العين والحسد
بالنسبة لعلاج المصاب بالعين والحسد إذا لم يتيسر الحصول على الماء الذي توضأ به العائن، هل هناك علاج آخر ناجع يمكن أن يعالج به المصاب؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فعلاج المصاب بالعين ليس محصورا في اغتساله بوضوء العائن، بل جاء الشرع بأنواع من العلاج، وقد عقد ابن القيم في كتابه زاد المعاد فصلا كاملا لبيان الرقية من العين والحسد، وقال: وَالْمَقْصُودُ: الْعِلَاجُ النَّبَوِيُّ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ ... فَمِنَها: التَّعَوُّذَاتِ وَالرُّقَى الْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَةِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَمِنْهَا التَّعَوُّذَاتُ النَّبَوِيَّةُ ...إلخ . اهـ مختصرا.
وذكر جملة من الأذكار والتعوذات الواردة في السنة يرقى به المصاب بالعين والحسد يجدها الأخ السائل مفصلة مبسوطة في الكتاب، كما بيَّن العلاقة بين العين والحسد قائلا عن الحسد: وَهُوَ أَصْلُ الْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ، فَإِنَّ النَّفْسَ الْخَبِيثَةَ الْحَاسِدَةَ تَتَكَيَّفُ بِكَيْفِيَّةٍ خَبِيثَةٍ، وَتُقَابِلُ الْمَحْسُودَ فَتُؤَثِّرُ فِيهِ بِتِلْكَ الْخَاصِّيَّةِ، وَأَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِهَذَا الْأَفْعَى، فَإِنَّ السُّمَّ كَامِنٌ فِيهَا بِالْقُوَّةِ، فَإِذَا قَابَلَتْ عَدُوَّهَا انْبَعَثَتْ مِنْهَا قُوَّةٌ غَضَبِيَّةٌ، وَتَكَيَّفَتْ بِكَيْفِيَّةٍ خَبِيثَةٍ مُؤْذِيَةٍ. اهـ.
والرقية من العين أنفع الرقى -بإذن الله- كما في الحديث: لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ. رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه، قال العلماء: معناه: أنه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والسم، وهكذا كما قيل: لا فتى إلا عليّ، ولا سيف إلا ذو الفقار.
وعند أبي داود عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَسْتَرْقِيَ مِنْ الْعَيْنِ . اهـ، وفي الصحيحين من حديث أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فَقَالَ: اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ. اهـ ومعنى " استرقوا لها " أي أَيِ اطْلُبُوا لَهَا مَنْ يَرْقِيهَا، ومعنى " إن بها النظرة " أي أنها مصابة بالعين .
ومن الرقى التي يُرقى بها المريض من الحسد والعين الرقيةُ التي جاءت في صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ. اهـ، ورواه أيضا ابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت بلفظ: بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ حَسَدِ حَاسِدٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ.
ومن الرقى النافعة بإذن الله من مرض العين والحسد الرقية بالمعوذتين "قل أعوذ برب الفلق"و" قل أعوذ برب الناس" ففي حديث أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وأَعْيُنِ الْإِنْسِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ، أَخَذَهُمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ. اهـ رواه النسائي والترمذي وابن ماجه.
والله تعالى أعلم.