عنوان الفتوى : حول الإشكال في حديث " إن أخر هذا الغلام لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة "

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هناك حديث فيما معناه : إن أخر هذا الغلام لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة، وقد استشكل علي الأمر، وهذه الشبهة يروج لها المشككون بالبخاري ومسلم، مع العلم أني بحثت عن إجابة، لكني لم أرتح بعد، افيدوني.

مدة قراءة الإجابة : 14 دقائق

الحمد لله.

فإن الله تعالى استأثر بعلم الساعة، فلا يعلم موعد وقوعها ملك مقرب أو نبي مرسل .

وهذا الحديث الذي أورده السائل حديث صحيح متفق عليه، ولا علاقة له بوقت قيام الساعة ، وبيان ذلك كما يلي :

أولا :

من ناحية الإسناد، فالحديث صحيح .

أخرجه البخاري في "صحيحه" (6167) ، ومسلم في "صحيحه" (2953) ، من حديث أنس :" أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ؟ قَالَ: (وَيْلَكَ ، وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا) قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، قَالَ: ( إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)، فَقُلْنَا: وَنَحْنُ كَذَلِكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ) فَفَرِحْنَا يَوْمَئِذٍ فَرَحًا شَدِيدًا، فَمَرَّ غُلاَمٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي، فَقَالَ: (إِنْ أُخِّرَ هَذَا ، فَلَنْ يُدْرِكَهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ).

ثانيا :

حتى يفهم الحديث فهما صحيحا لا بد من جمع طرقه، وعند جمع طرق هذا الحديث نرى أن المقصود بالساعة في الحديث هو فناء هذا القرن، وقيام ساعة من حضر منهم، وهو موتهم جميعا، بحيث لا يبقى أحد ممن هو حي حينئذ على وجه الأرض، وقد فسرت الطرق الأخرى ما أُجمل وأطلق في هذه الرواية .

وقد جاءت روايتان تبين المطلق في هذه الراوية :

الأولى : أخرجها الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1/350) ، فقال :" حدثنا سُلَيْمَانُ بن شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ، حدثنا عَلِيُّ بن مَعْبَدٍ الْعَبْدِيُّ  ، حدثنا أبو مَلِيحٍ الْحَسَنُ بن عُمَرَ الْفَزَارِيّ ، عن الزُّهْرِيِّ ، عن أَنَسٍ قال :" صلى بِنَا رسول اللهِ عليه السلام ثُمَّ اتَّكَأَ على غُلاَمٍ، فقال: (رَأْسُ مِائَةِ سَنَةٍ لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ هو على ظَهْرِ الأَرْضِ الْيَوْمَ حَيٌّ).

وإسناده صحيح .

فأما " أبو المليح الحسن بن عمر الفزاري " ، فقد وثقه أبو زرعة كما "الجرح والتعديل" (3/25) ، وأحمد كما في "سؤالات أبي داود" (ص280) ، والدارقطني كما في "سؤالات البرقاني" (82) .

وأما " علي بن معبد العبدي " ، فقد وثقه أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (6/205) .

وأما سليمان بن شعيب الكيساني ، فقد وثقه السمعاني في "الأنساب" (11/195) ، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (6/555) :" وكان موثقا " انتهى.

الثانية : أخرجها البيهقي في "البعث والنشور" (27) ، فقال :" أخبرنا أبو عبد الله الحَافظُ ، حدثنا أبو الحَسَن محمد بن عبد الله ابن موسى السُّنِّيُّ بِمَرْو ، أخبرنا أبو المُوَجِّه محمدُ بن عمرو ، أخبرنا عَبْدانُ بن عثمان ، عن أبي حَمزة ، عن قَيس بن وهب ، عن أنس بن مالك قال:" كان أَجْرَأَ النَّاسِ على مسألةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم – الأَعرَابُ، أتَاهُ أعرابيٌّ فقال: يا رسول الله ، متى تقومُ السَّاعةُ؟ فلم يُجِبْهُ شَيئًا ، حتى أتى بعضَ المَسجد فصَلَّى فأَخَفَّ الصَّلاةَ ثم أَقْبَل على الأعرابي فقال: (أينَ السَّائلُ عن السَّاعةِ؟) - ومَر سَعْدٌ الدَّوْسِيُّ - فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - للأَعْرَابِي: (إنْ هذا يُعَمَّر حتى يأكلَ عُمَرَه، لا يَبقى مِنكم عَينٌ تَطْرِف).

وإسناده صحيح ، رجاله ثقات .

فأما قيس بن وهب الهمداني ، فقد وثقه أحمد وابن معين ، كما في "الجرح والتعديل" (7/104) .

وأما محمد بن ميمون أبو حمزة السكري، وثقه ابن معين كما في "سؤالات الجنيد" (249) ، والدارقطني كما في "سؤالات السلمي"(370) .

وأما عبدان بن عثمان فهو " عبد الله بن عثمان بن جبلة "، ثقة حافظ مشهور، كما قال ابن حجر في "تقريب التهذيب"(3465) .

وأما " أبو الموجه محمد بن عمرو الفزاري " ، فقد قال فيه ابن الصلاح كما في "سير أعلام النبلاء" (13/347) :" مُحَدِّثٌ كَبِيْرٌ ، أَدِيْبٌ ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ ، صَنَّفَ السُّنَنَ وَالأَحكَامَ " انتهى، وقال الخليلي في "الإرشاد" (3/914) :" حافظ .. معروف بالأمانة والعلم "انتهى.

وأما " أبو الحسن محمد بن عبد الله بن موسى السني " ، فترجم له ابن حجر في "لسان الميزان" (7042) ، وقال :" قال ابن أبي معدان: كان ثقة في الحديث؛ كذوب اللهجة في حديث الناس، وفي المعاملات "انتهى.

ثالثا : جاء حديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيه نفس المعنى ، يبين أن المراد بالساعة هو قيام ساعة هؤلاء الحضور ، وليس القيامة الكبرى .

والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (6511) ، ومسلم في "صحيحه" (2952) ، عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ:" كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَعْرَابِ جُفَاةً، يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْأَلُونَهُ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى أَصْغَرِهِمْ فَيَقُولُ: (إِنْ يَعِشْ هَذَا لاَ يُدْرِكْهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ) ، قَالَ هِشَامٌ بن عروة: يَعْنِي مَوْتَهُمْ " .

وهذه الرواية من أحسن الروايات المفسرة لحديث أنس الوارد في السؤال ، وبها فسر العلماء معنى الساعة فيه .

قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (8/508) :" وحديث: " إن يعش هذا الغلام فعسى ألاّ يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " ، يفسره الحديث الذى قبله: كانت الأعراب إذا قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألونه عن الساعة ، متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: " إن يعش هذا لم يدركه الهرم ، قامت عليكم ساعتكم " ، وهذا يدل أن المراد بساعتكم: موتكم ، ويكون هذا مثل الحديث الآخر: أرأيتكم ليلتكم هذه على رأس مائة عام ، لا يبقى ممن هو على وجه الأرض أحد " انتهى.

وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم" (7/304) :" ( قوله: إن يعش هذا لم يدركه الهرم ، قامت عليكم ساعتكم ) هذه الرواية رواية واضحة حسنة ، وهي المفسرة لكل ما يرد في هذا المعنى من الألفاظ المشكلة ، كقوله في حديث أنس - رضي الله عنه - : حتى تقوم الساعة ، وفي لفظ آخر: القيامة ، فإنَّه يعني به ساعة المخاطبين وقيامتهم ، كما تقدم في تفسير الراوي ، لقوله: يعني بذلك أن ينخرم ذلك القرن "انتهى.

وقال الطيبي في "شرح المشكاة" (11/3482) :" قوله: ( عليكم ساعتكم ) أراد بالساعة انقراض القرن الذين هم من عدادهم ؛ ولذلك أضاف إليهم "انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (1/87) :" في الأحاديث التي سئل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة فقال: ( إن يعش هذا الغلام فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة) : المراد بذلك ساعة القرن وهي موتهم ؛ فإن في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه متى الساعة؟ فينظر إلى أحدث إنسان منهم فيقول: إن يعش هذا الغلام لم يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم قال هشام: يعني موتهم فهذا يبين تلك الأحاديث "انتهى.

وقال ابن كثير في تفسيره (3/522) :" وهذا الإطلاق في هذه الروايات ، محمول على التقييد بـ" ساعتكم " في حديث عائشة ، رضي الله عنها "انتهى.

وقال ابن حجر في "فتح الباري" (10/556) :" قَوْلُهُ ( حَتَّى تقوم السَّاعَة ) وَقع فِي رِوَايَة الباوردي الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا بَدَلَ قَوْلِهِ : ( حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) : ( لَا يَبْقَى مِنْكُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ ) ؛ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْمُرَادُ . وَلَهُ فِي أُخْرَى : ( مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ ) . وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْعِلْمِ ، أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ :( أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ ؛ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا : لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمُ عَلَيْهَا أَحَدٌ) .

وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ يَظُنُّونَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الدُّنْيَا تَنْقَضِي بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ، فَلِذَلِكَ قَالَ الصَّحَابِيُّ : فَوَهِلَ النَّاسُ فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ انْخِرَامَ قَرْنِهِ ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ عِيَاضٌ مُخْتَصَرًا .

قُلْتُ : وَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ كَذَلِكَ ؛ فَلَمْ يَبْقَ مِمَّنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ مَقَالَتِهِ تِلْكَ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ سَنَةِ مَوْتِهِ : أَحَدٌ ، وَكَانَ آخِرُ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْتًا : أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَة ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ .

وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ : سَاعَةُ الَّذِينَ كَانُوا حَاضِرِينَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مَوْتُهُمْ ، وَأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى يَوْمِ مَوْتِهِمُ اسْمَ السَّاعَةِ ، لِإِفْضَائِهِ بِهِمْ إِلَى أُمُورِ الْآخِرَةِ : وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ اسْتَأْثر بِعلم وَقت قِيَامِ السَّاعَةِ الْعُظْمَى ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ .

قَالَ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : ( حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ) : الْمُبَالَغَةَ فِي تَقْرِيبِ قِيَامِ السَّاعَةِ ، لَا التَّحْدِيدَ ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ) ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تَقُومُ عِنْدَ بُلُوغِ الْمَذْكُورِ الْهَرَمَ .

قَالَ : وَهَذَا عَمَلٌ شَائِعٌ لِلْعَرَبِ ، يُسْتَعْمَلُ لِلْمُبَالَغَةِ عِنْدَ تَفْخِيمِ الْأَمْرِ وَعِنْدَ تَحْقِيرِهِ، وَعِنْدَ تَقْرِيبِ الشَّيْءِ وَعِنْدَ تَبْعِيدِهِ ؛ فَيَكُونُ حَاصِلُ الْمَعْنَى : أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ قَرِيبًا جِدًّا .

وَبِهَذَا الِاحْتِمَالِ الثَّانِي جَزَمَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ، وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَشَارِقِ .

وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ : الْمَحْفُوظُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِلَّذِينَ خَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ : ( تَأْتِيكُمْ سَاعَتُكُمْ ) ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ : مَوْتَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَعْرَابًا ، فَخَشِيَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : لَا أَدْرِي مَتَى السَّاعَةُ فَيَرْتَابُوا ؛ فَكَلَّمَهُمْ بِالْمَعَارِيضِ .

وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَانَ الْأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَيَنْظُرُ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ سِنًّا ، فَيَقُولُ : ( إِنْ يَعِشْ هَذَا حَتَّى يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ ) . قَالَ عِيَاضٌ ، وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ : هَذِهِ رِوَايَةٌ وَاضِحَةٌ تُفَسِّرُ كُلَّ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْكِلَةِ فِي غَيْرِهَا.

وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ : يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ الْغُلَامَ الْمَذْكُورَ لَا يُؤَخَّرُ وَلَا يُعَمَّرُ وَلَا يَهْرَمُ؛ أَيْ فَيَكُونُ الشَّرْطُ لَمْ يَقَعْ، فَكَذَلِكَ لَمْ يَقَعِ الْجَزَاءُ فَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِمْرَارُ الْإِشْكَالِ، لِأَنَّهُ إِنْ حَمَلَ السَّاعَةَ عَلَى انْقِرَاضِ الدُّنْيَا وَحُلُولِ أَمْرِ الْآخِرَةِ ؛ كَانَ مُقْتَضَى الْخَبَرِ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ ذَلِكَ بِمِقْدَارِ مَا لَوْ عَمَّرَ ذَلِكَ الْغُلَامُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْهَرَمَ ، وَالْمُشَاهَدُ خِلَافُ ذَلِكَ . وَإِنْ حَمَلَ السَّاعَةَ عَلَى زَمَنٍ مَخْصُوصٍ رَجَعَ إِلَى التَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ .

وَلَهُ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ سِنَّ الْهَرَمِ لَا حَدَّ لِقَدْرِهِ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ مَحْذُوفًا كَذَا قَالَ "انتهى.

وخلاصة الجواب :

أن المقصود بالساعة في هذا الحديث هي انخرام هذا القرن، ووفاة من كان حاضرا يومئذ، وقد بينته الروايات الأخرى .

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...