عنوان الفتوى : المثلية في البشرية لا ينافي تفاضل بعضهم في معايير أخرى
تخاصمت مع زوجي وتجادلت معه، وكان مما قلت له: إنك بشر من طين، وأنا من طين، فكما تشعر وتنزعج، فأنا أيضا أشعر وأنزعج، فقال: بل لست مثلي، فقلت: بل أنا مثلك، فقال: بل أنا أعلى درجة، فقلت: لا، بل نحن سواء (وفي تلك اللحظة تذكرت الآية: وللرجال عليهن درجة) لكنني استمررت في الجدال. وكان قصدي أولا أنني أشعر وأنزعج مثله، ولي أحاسيس. فهل أعتبر قد أنكرت شيئا من القرآن -لا سمح الله- أو كفرت لا قدر الله؟ أفتوني جزاكم الله خيرا. لقد تبت واستغفرت، لكنني خائفة؛ لأن الآية خطرت ببالي لحظتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحصل الكفر بما ذكر، ما دمت تقصدين المثلية في البشرية والطينية، وكون كل منكما ينزعج ويشعر ويحس. فالمثلية في هذا ثابتة للبشر، مع تفاضلهم في معايير أخرى. فالله تعالى أثبت المثلية في البشرية لأفضل الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، مع فضله على الخلق في كثير من الأمور فقد قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف:110}.
هذا؛ وننبه إلى أهمية البعد عن الشقاق والخصام، وإلى الحرص على التراحم والتفاهم، والتغاضي عن الهفوات، واعلمي أنّ من محاسن أخلاق المرأة أن تسعى لإرضاء زوجها ولو كان ظالماً لها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِنِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: الْوَدُودُ، الْوَلُودُ، الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ، جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بَيْدَ زَوْجِهَا، ثُمَّ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى. رواه الطبراني وحسنّه الألباني.
والله أعلم.