عنوان الفتوى : التوفيق بين أعظم سور القرآن وأعظم آية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلى: إني لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته. وهناك حديث عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي ما أنزل عليك أعظم قال: آية الكرسي. وقع عندي إشكال بين هذين الحديثين. فكيف يرد كلاهما بصيغة اسم التفضيل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حديث أبي سعيد بن المعلى قد رواه البخاري وغيره، ويفيد أن سورة الفاتحة هي أعظم سور القرآن.
أما حديث أبي ذر فهو ضعيف. قال عنه الشيخ الألباني في السلسلة: قلت: وهذا سند ضعيف. انتهى
وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: وَمَدَارُهُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ
لكن لا حاجة إلى ذكر حديث أبي ذر لوجود بعض الأحاديث الصحيحة التي تغني عنه, ففي صحيح الإمام مسلم, وغيره عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر؛ أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: يا أبا المنذر؛ أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قال: فضرب في صدري، وقال: والله ليهنك العلم أبا المنذر.
ولا تعارض بين حديث أبي سعيد بن المعلى, وحديث أبي بن كعب, فسورة الفاتحة هي أعظم سور القرآن, أما آية الكرسي فهي أعظم آية في كتاب الله تعالى, والسورة غير الآية؛ كما لا يخفى.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شأن سورة الفاتحة : (قوله باب فضل فاتحة الكتاب) ذكر فيه حديثين أحدهما: حديث أبي سعيد بن المعلى في أنها أعظم سورة في القرآن، والمراد بالعظيم عظم القدر بالثواب المرتب على قراءتها، وإن كان غيرها أطول منها، وذلك لما اشتملت عليه من المعاني المناسبة لذلك. انتهى
وقال النووي في شرح صحيح مسلم في شأن آية الكرسي: قال العلماء إنما تميزت آية الكرسي بكونها أعظم لما جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والملك والقدرة والإرادة وهذه السبعة أصول الأسماء والصفات. انتهى.
والله أعلم.