عنوان الفتوى : أضواء على ذكر العنب والرمان وغيرهما في القرآن
هل فاكهة العنب والرمان، فاكهتان مباركتان؛ لأنهما مذكورتان في القرآن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك ببركة العنب والرمان، كثرة فوائدهما ومنافعهما، كما هو من معاني البركة؛ فهما -بهذا المعنى- كغيرهما من الفواكه والثمار المباركة، ذات المنافع الكثيرة، التي امتن الله تعالى بها على عباده، وذكرها في محكم كتابه، فقد ورد ذكر العنب في عدد من السور في القرآن الكريم ضمن جملة من النّعم التي أنعم الله بها على عباده، ونبه بذلك على كثرة منافعها وفوائدها؛ فمن ذلك قوله تعالى: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {النحل:11} قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: شجر الْعِنَب الْكَرم، كَانُوا يسمونه شَجَرَة الْكَرم؛ لِكَثْرَة مَنَافِعه وخيره؛ فَإِنَّهُ يُؤْكَل رطبا ويابسا، وحلوا وحامضا، وتجنى مِنْهُ أَنْوَاع الاشربة والحلوى والدبس وَغير ذَلِك، فَسَموهُ كرما لِكَثْرَة خَيره. اهـ.
وكذلك الرمان، فقد ذكره الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم عدة مرات؛ فهو من الطيبات من الرزق، والأطعمة التي امتن بها على عباده لينتفعوا بها، ويستحضروا سعة إحسانه، وإبداع صنعته، وكمال قدرته جل جلاله، كما في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ. {الأنعام:141}.
كما يبشرهم بأنه من الفواكه التي أعدها لعباده المؤمنين في الجنة؛ فقال تعالى: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ {الرحمن:68}.
قال أهل التفسير: عطفهما على الفاكهة بياناً لفضلهما؛ لأن ثمرة النخل فاكهة وطعام، وثمرة الرمان فاكهة ودواء.
قال القرطبي في التفسير: أُفْرِدَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ ثَمَرُهُ فَاكِهَةٌ وَطَعَامٌ، وَالرُّمَّانُ فَاكِهَةٌ وَدَوَاءٌ، فَلَمْ يَخْلُصَا لِلتَّفَكُّهِ. اهـ.
ووجه الاستدلال بهذه النصوص من الوحي على بركتهما؛ هو ورودهما في سياق حديث القرآن عن نعم الله تعالى على عباده، وأنه -سبحانه وتعالى- لا يمتن على عباده إلا بما فيه نفع وخير وبركة، كما قال القرطبي في التفسير: الله -جل وعلا- يمتنّ على عباده بالأفضل. اهـ.
وقال الشعراوي في تفسيره: الله سبحانه وتعالى حين يمتن على عباده، يمتن عليهم بقمم النعمة، ولا يمتن بالنعم الصغيرة. اهـ.
ولذلك فهما من الفواكه المباركة بهذا المعنى. ولا نعلم لهما مزيد بركة على غيرهما من المباحات المذكورة في القرآن، والتي امتن الله بها على عباده.
والله أعلم.