عنوان الفتوى : علة إطلاق "كرم الله وجهه" على علي بن أبي طالب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي حفظكم الله: ما حكم من يتهم الإمام عليٍّ - كرم الله وجهه - بأنه قبل أن يسلم كان يسجد للأصـنام ولا يرى إلا بأنه كان مشركًا قبل أن يسلم (ولم يقل كان كافرًا، بل قال بأنه كان مشركًا) فما حكم قائل هذا الكلام ؟ وما معنى كرم الله وجهه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أول صبي أسلم، ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، وربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه، وشهد معه المشاهد إلا غزوة تبوك، فقد خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي. متفق عليه، وأطلق على علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقب "كرم الله وجهه" من دون سائر الصحابة، لأنه لم يسجد لصنم قط، قال السفاريني في غذاء الألباب: قد ذاع ذلك وشاع وملأ الطروس والأسماع، قال الأشياخ: وإنما خص علي رضي الله عنه بقول "كرم الله وجهه" لأنه ما سجد إلى صنم قط، وهذا إن شاء الله تعالى لا بأس به اهـ. والأفضل ألا يخص بهذا اللقب من بين الصحابة، لاسيما بعد ما اتخذ بعض أهل البدع هذا اللقب سُلَّما لأغراض خبيثة، وفسروه بتفسيرات باطلة. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد علي رضي الله عنه، بأن يقال عليه السلام من دون سائر الصحابة، أو كرم الله وجهه، هذا وإن كان معناه صحيحا، لكن ينبغي أن يسوي بين الصحابة في ذلك، فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان -أبوبكر وعمر- وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه. اهـ. وبهذا تبين أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن يسجد للأصنام من دون الله قبل إسلامه، فلا يجوز إطلاق ذلك عليه. والله أعلم.