عنوان الفتوى : تعبير الرؤيا.. نظرة شرعية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

إذا حلم المسلم حلما وفسره بتفسير كتب ابن سيرين وكان التفسير في كتابه أنه قد يحصل كذا وقد يحصل كذا، وكلها تفسيرات سيئة ـ والله المستعان ـ ثم سأل شيخا متخصصا وفسره بتفسير آخر، فهل بعد إرادة الله يقع التفسير بما في كتاب ابن سيرين أم بما قاله المفسر؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كتاب تعبير الرؤيا المتداول بين الناس المنسوب للإمام محمد بن سيرين ـ رحمه الله ـ لا تصح نسبته له، كما قدمنا في الفتوى رقم: 25645.

ثم إن الرؤى المنامية لا يؤخذ تعبيرها من الكتب، لأن تعبير الرؤيا يختلف باختلاف صفات الأشخاص، فقد أثر عن ابن سيرين أنه فسر رؤيا من رأى أنه يؤذن بأنه سيسرق، وفسر رؤيا مشابهة لها بأن صاحبها سيحج، وجاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: ولا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتاب، كما يفعله بعض الجهلة، يكشف نحو ابن سيرين عندما يقال له: أنا رأيت كذا، والحال أنه لا علم له بأصول التعبير، فهذا حرام، لأنها تختلف باختلاف الأشخاص، والأحوال، والأزمان، وأوصاف الرائين، فعلمها عويص يحتاج إلى مزيد معرفة بالمناسبات، ولذلك سأل رجل ابن سيرين بأن قال له: أنا رأيت نفسي أؤذن في النوم، فقال: له تسرق، وتقطع يدك، وسأله آخر، وقال له مثل ما قاله الأول، فقال له: تحج، فوجد كل منهما ما فسر له به، فقيل له في ذلك، فقال: رأيت هذا بسمة حسنة, والآخر بسمة قبيحة. اهــ.

ولا يلزم وقوع الرؤيا بما عبرت به من أي أحد من الناس إذا كان لا يدري التعبير، وإنما يقع ما عبرت به إذا كان التعبير من عالم بالتعبير، وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه: باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب ـ وأسند تحته قصة أبي بكر في تعبيره لرؤيا الظلة التي تنطف السمن والعسل، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أصبت بعضا، وأخطأت بعضا.

قال النووي: وفي هذا الحديث جواز عبر الرؤيا، وأن عابرها قد يصيب وقد يخطئ، وأن الرؤيا ليست لأول عابر على الإطلاق، وإنما ذلك إذا أصاب وجهها. اهـ.

وجاء في شرح سنن ابن ماجه للسيوطي:.. وَلم يرد أن كل من عبرها من النَّاس وَقعت كَمَا عبر، بل أَرَادَ الْعَالم الْمُصِيب الْمُوفق، وَكَيف يكون الْجَاهِل المخطئ عابرا وَهُوَ لم يصب وَلم يُقَارب؟ وَلَا أَرَادَ أن كل رُؤْيا تعبر وتتأول، لِأَن أَكْثَرهَا أضغاث أحلام. اهـ.

والله أعلم.