عنوان الفتوى : فعل العبد بمحض إرادته وإن قدره الله

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل الإيجاب والقبول في الزواج مخير فيه الإنسان أم مسير؟ وذلك لأن الدارج بين الناس أن الزواج قدر، وإذا ما تعسوا في حياتهم الزوجية بسبب سوء الاختيار فانهم ينسبونه إلى القدر؟

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمعلوم أن الإيجاب والقبول من الأفعال التي يفعلها الإنسان بمحض اختياره وإرادته، وكل إنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختيار وبين ما يقع منه باضطرار وإجبار، فالإنسان الذي ينزل من السطح على السلم نزولا اختياريا يعرف أنه مختار، على العكس من سقوطه هاويا من السطح إلى الأرض، فإنه يعلم أنه ليس مختارا لذلك، ويعرف الفرق بين الفعلين، فهو في الأول مختار، وفي الثاني غير مختار. ولذا رتب الله الثواب والعقاب على الأفعال الاختيارية دون غيرها، كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:28]. وقال سبحانه: مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَة [آل عمران: 152]. فالله تعالى قد أعطى الإنسان عقلا وسمعا وإدراكا وإرادة، فهو يعرف الخير من الشر، والضار من النافع، وما يلائمه وما لا يلائمه، فيختار لنفسه ما يناسبها ويدع غيره. وهو في هذه الأفعال الاختيارية -سواء ما كان متعلقا منها بالطاعة أو متعلقا بالمعصية أو متعلقا بالمباحات، كالزواج وغيره- لا يخرج بشيء منها عن قدرة الله ومشيئته. قال الله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29]. وقال صلى الله عليه وسلم: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب مقادير الخلق إلى يوم القيامة. رواه الترمذي وصححه. ومن هذا تعلم أن الزواج وإن قدره الله وقدر نتائجه، فالعبد يفعله بمحض إرادته واختياره، فإن فرط وأساء في اختياره كان ملوما، وإن اجتهد وأحسن الاختيار، كان محمودا. ورجع الفتوى رقم: 17855، والفتوى رقم: 10560. والله أعلم.