عنوان الفتوى : صور التمويل العقاري الجائز والممنوع

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أريد الاستفسار عن الحكم الشرعي لشراء منزل عن طريق التمويل العقاري لأحد البنوك، ويكون: *يتم تقديم طلب لتمويل وحدة معينة، وتقديم أوراق الملكية. *يتم الإستعلام والتقييم المالي من طرف البنك للوحدة. *يتم التمويل ب 75% من قيمة الوحدة. *يكون العقد ثلاثيا. * يتم حظر بيع للوحدة حتي انتهاء الأقساط. *يتم عمل توكيل للشقة مني للبنك، وعمل توكيل من صاحب الشقة للبنك. **يكون بفائدة عن إجمالي قيمة التمويل 7%. * يتم تسليم الشيك لصاحب الشقة.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

الشائع من صور التمويل العقاري : أن يكون دور البنك هو دفع المال للبائع نيابة عن المشتري، ثم استرداده من المشتري بزيادة متفق عليها.

وهذا قرض ربوي محرم، وهو المعمول به في عامة البنوك الربوية.

ولا فرق في القرض بين أن يعطي البنك المال للمشتري في يده، أو أن يعطيه نيابة عنه للبائع، فيكون جمعا بين القرض والوكالة، فقد اقترض المشتري ووكل البنك في إيصال المال للبائع.

والقرض الربوي مجمع على تحريمه، وهو كبيرة من كبائر الذنوب.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ البقرة/278 - 279.

وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك؛ أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.

وعليه ؛ فلا يجوز لك التعامل مع البنك المسئول عنه ، ولا أخذ التمويل العقاري بالصفة التي ذكرت، فحقيقة الأمر أنه قرض ربوي محرم.

ثانيا:

وثمة صورتان جائزتان، إذا وجدت من يتعامل بهما، وهما:

الصورة الأولى: أن يشتري البنك العقار لنفسه، ثم يبيعه للراغب في الشراء بالتقسيط، فتجري في المعاملة عقدان: عقد مستقل بين البنك وصاحب العقار، ثم عقد بين البنك والراغب في الشراء، وهذه معاملة جائزة، وتسمى بيع المرابحة، ويشترط فيها عدة شروط:

1-أن يخلو العقد من شرط غرامة على التأخر في سداد الأقساط.

2-أن تنتقل الملكية بالعقد مباشرة، ولا يجوز للبنك تعليق الملكية على سداد الأقساط، لكن يجوز أن يحظر البيع إلى استلام أقساطه.

ومن الممنوع هنا: إعطاء البنك توكيلا للبيع لنفسه أو للغير؛ لأن هذا مساو لاحتفاظه بالملكية.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط: " لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده؛ لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة " انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6 ج، 1 ص 193).

3-ألا يكون هناك ارتباط بين المشتري وبائع العقار الأصلي، بل علاقة المشتري هي مع من باعه وهو البنك.

4-ألا يدفع الراغب في الشراء أي مبلغ للبنك في مرحلة الوعد.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(229091). 

الصورة الثانية: أن يدخل البنك شريكا مع الراغب في الشراء، فيشتريان العقار معا بالنسبة التي يتفقان عليها، ويسجل حينئذ في العقد أن المشتري هو البنك والعميل، بنسبة كذا.

ويقترن هذا بوعد من البنك أن يبيع حصته بالتقسيط للعميل.

فإذا تم شراء العقار المشترك، أجرى البنك عقد بيع بالتقسيط لحصته، ويشترط حينئذ ما تقدم في الصورة الثانية من عدم اشتراط غرامة على التأخير الخ.

وفي هذه الصورة يتم عقدان أيضا، كما هو بين.

ويجوز فيها أن يبيع البنك حصته كاملة لشريكه، ويجوز أن يبيعها على التدريج، كأن يبيع كل سنة جزءا من حصته بسعر السوق، ولا يجوز أن يتعهد البنك بأنه سيبيع حصته بالثمن الذي تم الشراء به؛ لأن ذلك يعني ضمان رأس المال للشريك.

وتسمى هذه الشركة: الشركة المتناقصة، وينظر في ضوابطها: جواب السؤال رقم:(ضوابط التعامل بالشركة المتناقصة). 

فإن وجدت من يتعامل بالصورة الثانية والثالثة فلا بأس، وأما الصورة الأولى فمحرمة، وهي المطابقة لما سألت عنه.

والله أعلم.