عنوان الفتوى : ما شروط شهود عقد النكاح؟ وهل يشترط كتابة العقد عند المأذون؟
ما شروط عقد الزواج الشرعي لكي يكون صحيحًا؟ وهل يجب أن يكون الشاهدان رجلين؟ وما معنى أن يكونا من العدول المكلفين؟ الرجاء تبيان كل صفة على حدة، وهل يصح ذلك إذا كانا أو أحدهما غير ناطقين بالعربية، أو كان الشاهد غير مسلم؟ وإذا كان من له الولاية لسبب من الأسباب لا يصلح لذلك، خصوصًا أن التي ستتزوج ملتزمة، وهناك من يعد الأنسب حسب التسلسل، فهل تنتقل الولاية للخال دفعًا للضرر؟ وهل يشترط من التي ستتزوج ـ وهي ناضجة، وفطنة، ومن شأنها أن تقرر ما هو صائب ـ أن تطلعه على حال الخطيب، وأنه شخص متزوج لصرف التعقيدات؟ وفي حال لم يكن حاضرًا في مكان العقد هل يجوز أن يوكل قاضيًا ليتولى هذه المهمة، أو عالمًا، أو إمامًا، أو عدولًا، أو من شهد أنهم من الصالحين، سواء كان ذلك في بلد مسلم أم لا، وبذلك يكون عقد الزواج شرعيًّا صحيحًا من دون أن يكون هناك أدنى شك باعتبارها مسألة ذات أهمية بالغة ودقيقة؟ وهل هناك حلول أخرى؟ وهل يشترط حضور مأذون للقيام بالعقد؟ وهل يستوجب ذلك كاتب عدل مثلًا لإثبات الزواج من شخص معين للحفاظ على الحقوق إلى حين توثيقه بصفة قانونية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزواج الشرعي له شروط وأركان سبق بيانها إجمالًا في الفتوى رقم: 1766.
وبخصوص الإشهاد على عقد الزواج: فالجمهور يشترطون حضور شاهدين بالغين عاقلين مسلمين، يسمعان الإيجاب والقبول، ويفهمان معناهما، وفي اشتراط العدالة قولان، قال ابن قدامة -رحمه الله-: الفصل الثاني: أن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، هذا المشهور عن أحمد، وروي ذلك عن عمر، وعلي، وهو قول ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والحسن، والنخعي، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي..
الفصل الثالث: أنه لا ينعقد إلا بشهادة مسلمين، سواء كان الزوجان مسلمين، أو الزوج وحده، نص عليه أحمد، وهو قول الشافعي.
فصل: فأما الفاسقان، ففي انعقاد النكاح بشهادتهما روايتان: إحداهما: لا ينعقد، وهو مذهب الشافعي... والثانية: ينعقد بشهادتهما، وهو قول أبي حنيفة.
وأمّا الولي: فهو شرط عند الجمهور.
وولي المرأة في الزواج على الترتيب: أبوها، ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة.
وإذا امتنع الولي الأقرب من تزويج المرأة لغير مسوّغ، فيجوز لمن بعده من الأولياء تزويجها، ويجوز رفع الأمر للقاضي الشرعي ليزوجها، قال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى: تنتقل إلى السلطان.
وانظري الفتويين رقم: 32427، ورقم: 22277.
وإذا كان الولي غائبًا فله أن يوكل غيره في تزويج موليته، ولا يشترط أن يكون الوكيل قاضيًا أو عالمًا، قال الماوردي ـ رحمه الله ـ في كتاب الحاوي الكبير: فَأَمَّا تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ إِلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا بالغًا حرًّا مسلمًا رشيدًا، فإذا اجتمعت هَذِهِ الْأَوْصَافُ السِّتَّةُ صَحَّ تَوْكِيلُهُ.
والظاهر ـ والله أعلم ـ أنّه لا يجب على المرأة أن تخبر الولي بكون الخاطب متزوجًا؛ لأنّ ذلك ليس من العيوب التي يجب الإخبار بها، جاء في فتاوى الشيخ ابن جبرين: لا يلزم الرجل إخبار الزوجة، أو أهلها بأنه متزوج إن لم يسألوه.
لكن ينبغي على الولي أن يكون أمينًا، فيسأل عن الخاطب ويتعرف أحواله.
وأمّا المأذون الذي يكتب عقود النكاح: فليس من شروط صحة العقد شرعًا، لكن توثيق عقد الزواج ضرورة واقعية لحفظ الحقوق، فقد جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: إن الزواج في الشريعة الإسلامية عقد قولي يتم بالنطق بالإيجاب والقبول، في مجلس واحد، بالألفاظ الدالة عليهما، الصادرة ممن هو أهل للتعاقد شرعًا، بحضور شاهدين بالغين عاقلين مسلمين، إذا كان الزوجان مسلمين، وأن يكون الشاهدان سامعين للإيجاب والقبول، فاهمين أن الألفاظ التي قيلت من الطرفين أمامهما ألفاظ عقد زواج، وإذا جرى العقد بأركانه وشروطه المقررة في الشريعة كان صحيحًا مرتبًا لكل آثاره.
أما التوثيق -بمعنى كتابه العقد، وإثباته رسميًّا لدى الموظف العمومي المختص- فهو أمر أوجبه القانون؛ صونًا لهذا العقد الخطير بآثاره عن الإنكار، والجحود بعد انعقاده، سواء من أحد الزوجين أو من غيرهما.
وانظري الفتوى رقم: 39313.
والله أعلم.