عنوان الفتوى : حكم شراء الأرض من والده مقابل سيارة مع دفع الفرق أو تنازل الوالد عن أخذ الفرق

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

والدي عنده قطعة أرض، وكان يريد أن يبيعها ويشتري بثمنها سيارة للعمل بها، ولكن من فترة طويلة لم نوفق ببيع الأرض؛ كونها في منطقة غير مسموح بالبناء فيها، فيه في منطقة سي، عرضت على أبي أن أشتري السيارة بالأقساط كوني موظفا، وأن أشتري الأرض، ونتفق على فرق الثمن، أنا لا أرغب في الأرض، ولكن أردت بالعرض أن يقبل أبي العرض، وأن يكون الدخل من السيارة كله لأبي، ولا يكون جزء منه أقساط للسيارة في حالة أني اشتريت السيارة، ولم آخذ شيئا مقابلها، وسبب آخر لا أريد أن يحصل بيني وبين إخواني خلاف في المستقبل على الأرض، فتكون الأمور واضحة من البداية، فقمت بشراء السيارة لأبي ، وأنا أدفع أقساطها، والآن والدي يقول لي: أنا لا أرتاح حتى أتنازل لك عن الأرض. سؤالي: في حال تنازل أبي لي عن الأرض وقمت ببيعها، فهل هناك مخالفة شرعية في طريقة الاتفاق والتنفيذ بشراء السيارة والتنازل عن الأرض؟ وهل ممكن أن تكون المعاملة صورية؟ وهل هناك حرج شرعي في قبولي أن يتنازل لي أبي عن الأرض؟ وإن كان هناك مخالفة شرعية في طريقة الاتفاق والتنفيذ فهل هناك طريقة أخرى ممكن أن أقوم بها حتى لا أقع في المحظور الشرعي؟ علما أنه في حال كان هناك محظور شرعي في أي جانب وليس هناك مخرج شرعي فأنا راضي أن لا يكون هناك أي مقابل غير الأجر من الله تعالى.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

إذا اشتريت السيارة بثمن حالٍّ أو مقسط، فقد صارت ملكا لك، وجاز أن تبيعها مقابل الأرض التي عند والدك، مع دفع الفرق إن وجد.

ويشترط لذلك :

أن يبيع لك والدك الأرض بثمن المثل، دون محاباة، وأن تدفع الفرق بين قيمة السيارة، وقيمة الأرض إن وجد.

مع مراعاة أن سعر السيارة على والدك: هو ثمنها الحال، الذي تباع به في السوق، وليس المقسط الذي اشتريتها به، ما دمت اشتريتها لنفسك، وسوف تأخذ الأرض ثمنا حالا لها.

ولا يجوز لوالدك أن يحابيك في ثمن الأرض، ولا أن يتنازل عن أخذ الفرق منك؛ لأن ذلك يكون هبة، ويلزم الأب أن يعدل بين أبنائه في الهبة؛ لما روى البخاري (2586)، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: " أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا فَقَالَ أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ لَا قَالَ: فَارْجِعْهُ . ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما".

ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ : " سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا قَالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ  قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ".

وفي رواية للبخاري أيضا (2650): لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ .

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: " أنا رجل قدر الله عليّ بمرض في رجلي اليمنى، إلى أن قرر الأطباء بترها، مما جعلني عاجزًا عن العمل، وأنا أعول أسرة كبيرة، ولي إخوة ثلاثة، ولكن أبي قد باع مزارعه على إخوتي الثلاثة، ولعجزي عن شراء شيء منها؛ فلم أحصل على شيء؛ فهل فعل والدي هذا صحيح؛ أم أنه يحق لي المطالبة بحقي بدون شراء ولا بيع؟

فأجاب :إذا كان قد باع هذه المزارع على إخوتك بيعًا صحيحًا، ليس فيه احتيال ولا تَلْجِئَة، وإنما باعها عليهم، كما يبيعها على غيرهم بثمن كامل، ولم يترك لهم شيئًا منه، بل استوفى الثمن منهم؛ فلا حرج عليه في ذلك، وليس لك حق الاعتراض؛ لأن هذا ليس فيه محاباة، وليس فيه تخصيص لهم بشيء من المال دونك.

أما إذا كان خلاف ذلك؛ بأن كان بيع حيلة، قد تسامح معهم فيه، وحاباهم به؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه جور، ويجب على الوالد أن يسوي بين أولاده في الهبة والعطية، ولا يجوز له أن يخص بعضهم دون الآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، فواجب على الوالد أن يسوي بين أولاده فيما يمنحه لهم، ولا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض" انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان " ( 2 / 594).

ثانيا:

ما دمت ستأخذ الأرض بيعا وشراء صحيحا، فينبغي أن توثق الأرض باسمك، حفظا لحقك ومنعا للاختلاف مستقبلا مع إخوانك.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...