عنوان الفتوى : أدلة جواز زيارة المرأة للقبور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل تجوز للمرأة الحائض زيارة المقابر؟ وهل يجوز لها أيضا الذكر شفاهيا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحائض لا يختلف حكمها عن غيرها في شأن زيارة القبور، وقد اختلف أهل العلم في زيارة النساء للقبور، فجوزها الجمهور، وسبب الخلاف فيها ما ثبت من لعنة الزوَّارات في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لعن الله زوَّارات القبور. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وقد ذكر الحاكم في المستدرك نسخ الحديث الأول بالثاني، ووفق القرطبي بينهما، ونصره الشوكاني والشيخ مصطفى العدوي فوفق بحمل اللعن على من تكثر الزيارة نظرًا لصيغة المبالغة الواردة في الحديث، وجواز الزيارة من غير إكثار، ويدل لرجحان الجواز من غير إكثار ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عائشة رضي الله عنها: أن جبريل قال له: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم. قالت عائشة رضي الله عنها: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين المسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون. ويدل له كذلك إقراره صلى الله عليه وسلم للمرأة التي مر بها تبكي عند قبر، كما في البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري. قال ابن حجر في الفتح محتجًّا بالحديث على جواز زيارة النساء للقبور: موضع الدلالة منه أنه لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة. ومحل هذا إن علمت السلامة من وقوع محرم كمخالطة الأجانب وتضييع البيوت أو قيامهنَّ بالصياح أو غير ذلك. وأما قيام الحائض بالذكر فجائز ولا نعلم مَنْ منعه، ويدل لجوازه قوله صلى الله عليه وسلم لـ عائشة رضي الله عنها لما حاضت في حجها: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت. رواه البخاري ومسلم. ووجه الاستدلال أن الحاج مأمور بالذكر في أيام معدودات، وبالاستغفار، وهو لم يمنعها من غير الطواف. والله أعلم.