عنوان الفتوى : لو أمر الأب ابنه أن يصلي به جماعة في البيت
رجل مريض كبير في السن، لا يستطيع الذهاب إلى المسجد، فيجعل أحفاده الصغار يؤمُّونه في البيت، يقول: أحصل أجر الجماعة، فهل يجوز له ذلك؟ ولو كان لديه ولد بالغ، فهل يجوز للولد التخلف عن الجماعة في المسجد؛ كي يصلي بأبيه الكبير، فيحصل على أجر الجماعة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فهذا الرجل المريض معذور في ترك الجماعة، بل يرجى له إن كان معتادًا على الصلاة في جماعة، أن يكتب له أجرها إن صلى منفردًا، قال في كشاف القناع: (ولا ينقص أجره) أي: المصلي منفردًا (مع العذر) لما روى أحمد، والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد، أو سافر كتب الله ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا». قال في الفروع: ويتوجه احتمال تساويهما في أصل الأجر وهو الجزاء، والفضل بالمضاعفة. انتهى.
ثم إن في إمامة أحفاده غير البالغين له خلافًا، فمنع ذلك الحنابلة؛ لأن صلاة المميز تطوع، والمتنفل لا يؤم المفترض عندهم، وأجاز ذلك الشافعية، ووافقهم كثير من المحققين؛ لحديث عمرو بن سلمة، وأنه كان يؤم قومه وهو ابن ست، أو سبع سنين، والراجح أن هذا الصبي المميز إن كان يحسن الصلاة، ويأتي بها على وجهها، فإمامته للبالغ صحيحة، فلو صلى حفيد هذا الشخص به، جاز ذلك، وحصل لهما ثواب الجماعة.
ولو كان له ابن بالغ، فأمره أن يصلي به جماعة، وجب عليه طاعته في ذلك، ولو أدى ذلك إلى فوات فضيلة أول الوقت، أو فوات فعل الجماعة في المسجد، قال في شرح الإقناع: (ولو أمره والده بتأخيرها) أي: الصلاة (ليصلي به أخّر نصًا) إلى أن يبقى من الوقت الجائز فعلها فيه بقدر ما يسعها، قال في شرح المنتهى: وظاهره أن هذا التأخير يكون وجوبًا (ف) يؤخذ من نص الإمام (لا تكره إمامة ابن بأبيه) لأن الكراهة تنافي ما طلب فعله شرعًا. انتهى.
وليست الجماعة واجبة في المسجد على ما نفتي به، وهو قول أكثر الموجبين للجماعة، ولتنظر الفتوى رقم: 128394، ولو صلى الابن البالغ أو الحفيد في المسجد، ثم عاد فصلى بهذا الرجل نفلًا، جاز ذلك، وحصلت له فضيلة الجماعة في المسجد، وحصلت لهذا الرجل المريض فضيلة الجماعة.
والله أعلم.