عنوان الفتوى : حكم العمل في شركة تقرض عملاء الاتصالات مبلغا وتسترده بزيادة على أنها أجرة الخدمة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أعمل كمطور برامج في شركة برمجة تعمل في مجال التكنولوجيا المالية، وطبيعة عمل الشركة كالتالي: 1. تعمل الشركة كوسيط بين شبكات الجوال والمستخدم لهذه الشبكات، حيث نقوم بإقراض المستخدم مبلغا من المال إذا نفذ رصيده ويسددها بعد الشحن، مع العلم أن القيمة المستردة عبارة عن المبلغ الذي تم إقراضه، بالإضافة إلي نسبة من هذا المبلغ، وهذا هو ربح الشركة. فمثلا لو تم اقراض المستخدم 10 ريال يتم استرداد مبلغ 12 ريال عند الشحن، وتقوم شركتنا بأخذ 2 ريال كثمن لهذه الخدمة، وتسديد مبلغ 10 ريال لشبكة الجوال. 2. نقدم أيضا قروض لمحفظة الجوال، حيث يمكن للمستخدم أن يقترض مبلغا من المال يسترد بعد فترة متفق عليها مع نسبة من هذا المبلغ كثمن للخدمة، ويمكن للمستخدم استخدام هذا المبلغ لشحن رصيده أو دفع الفواتير أو شراء أغراضه من علي الإنترنت. يرجي ملاحظة أن ثمن الخدمة عبارة عن نسبة من المبلغ الذي تم إقراضه، الشركة تعلل عدم وجود نسبة ثابتة كثمن للخدمة بأنها لا تضمن استرداد المبلغ المقترض، وبالتالي ثمن الخدمة عبارة عن نسبة من المبلغ يتناسب مع احتمال عدم السداد، لأنه حتي في حال عدم سداد المستخدم للقرض سوف تسدد الشركة قيمة المبلغ المقترض لشبكة الجوال، وفي هذه الحالة نمتنع عن إقراض هذا المستخدم مرة اخري. فهل هذه القروض هي من الربا المحرم؟ وهل عملي في هذه الشركة حرام وبالتالي راتبي حرام؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

حكم إقراض المستخدم مبلغا من المال على أن يسدد عند الشحن بزيادة

إقراض المستخدم مبلغا من المال على أن يسدد عند الشحن بزيادة: من الربا المحرم، ولا عبرة بتسميته ربحا للشركة؛ فكل قرض اشتُرطت فيه الزيادة فهو ربا بالإجماع.

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): "وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/ 436): "وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة." انتهى.

ثانيا:

حكم إقراض المستخدم مبلغا يوضع في محفظته، مع اشتراط رده مع نسبة منه

إقراض المستخدم مبلغا يوضع في محفظته، مع اشتراط رده مع نسبة منه، من الربا المحرم كذلك، ولا عبرة بتسميته أجرة أو ثمنا للخدمة؛ لما تقدم من الإجماع على أن أي قرض تشترط فيه الزيادة فهو الربا، ولا يستثنى من ذلك إلا التكلفة الفعلية التي يتكلفها المقرض، كثمن الورق، أو أجرة موظف يتفرغ للإقراض، ونحو ذلك، وهذه التكلفة يجب أن تكون مبلغا مقطوعا، وليس نسبة، ولا مجال للتربح منها، فالقرض عقد تبرع وإحسان، وكل زيادة على التكلفة الفعلية- مهما قلت- فهي ربا، فلو كانت عملية الإقراض تكلف الشركة 10 ريالات مثلا، فلو أخذت أحد عشر ريالا، فهو ربا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية:

أولاً: يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.

ثانياً: كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً." انتهى من "مجلة المجمع" (ع 2- 2/ 527).

وفي قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس، بخصوص موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها:

"أن تقدم الدولة للراغبين في تملك مساكن، قروضاً مخصصة لإنشاء المساكن، تستوفيها بأقساط ملائمة بدون فائدة، سواء أكانت الفائدة صريحة، أم تحت ستار اعتبارها (رسم خدمة)، على أنه إذا دعت الحاجة إلى تحصيل نفقات لتقديم عمليات القروض ومتابعتها، وجب أن يقتصر فيها على التكاليف الفعلية لعملية القرض." انتهى من "مجلة المجمع" (ع 5 - 4/2773، ع 6 - (1 ص 81).

والأمر في هذه الشركة بيّن، فليست هي جهة إحسان وتبرع، حتى يقال: تقتصر على التكلفة الفعلية، وإنما هي جهة ربحية، وعملها متمحض للربا، وربحها يأتي من ذلك.

وعليه: فلا يجوز لك العمل في هذه الشركة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

والله أعلم.