أرشيف المقالات

مع إعجاز آية: لتركبن طبقا عن طبق

مدة قراءة المادة : 22 دقائق .
ركوب الأطباق
((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ))
إعجاز علمي للفتيان
 
ها قد أتى يا أبنائي عصر الفضاء، واجتاز الإنسان أجوازه، وحلق في أجواء السماء مستخدمًا المنطاد والطائرات الشراعية، ثم الطائرات بأنواعها المختلفة، ثم وصل إلى القمر بواسطة المحطات الفضائية، وها هو يستعد لرحلة الهبوط على كوكب المريخ، وسيحاول الإنسان في المستقبل أن يسافر بين النجوم، وحينما فعل الإنسان ذلك، وجد القرآن أمامه يشير إلى ركوب الأطباق واجتياز الآفاق؛ حيث يقول تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 16 - 19].
 
قال الأب: سأحدثكم يا أبنائي عن وجه رائع من وجوه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ألا وهو إشارة القرآن إلى غزو الفضاء، ومن المؤكد يا أحبائي أن البشرية لم تجتاز أجواء الفضاء إلا بعد اختراع المناطيد والطائرات منذ ما لا يزيد عن مائتي سنة، ولم تعرف البشرية أيضًا ما يسمى بالأطباق الطائرة إلا منذ قرابة خمسين سنة ماضية، في وقت لم يركب الإنسان الفضاء، إذا بنا نجد في القرآن إشارات حول غزو الفضاء.
 
قال محمد:
أ- ركوب طبق عن طبق: ذكرت مادة ركب خمس عشرة مرة في القرآن الكريم، لتعبر عن ركوب السفينة، والفلك، وأمثال الفلك المشحون، والأنعام، والخيل، والحمير، والبغال وما لا نعلم، ومن بين تلك الآيات التي وردت فيها مادة "ركب"، نشير على وجه الخصوص إلى موضعين وثيقي الصلة بموضوع الإعجاز العلمي للقرآن، وهما قول الله تعالى: ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8]، والموضع الثاني هو جواب القسم في الآية 19 من سورة الانشقاق؛ حيث يقول تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [الانشقاق: 16 - 19]، ويمكن تلخيص آراء المفسرين في الآيات السابقة في النقاط التالية:
أ‌- في قوله: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾: اختلف المفسرون ما بين الخلق وما أعده الله في الجنة، والنار وأشياء غيبية أخرى، إلا أن سيد قطب في ظلال القرآن يشير إلى تقبل أنماط جديدة من أدوات الحمل والنقل والركوب والزينة لا يعلمها أهل هذا الزمان.
 
ب‌- في قوله: ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾: اختلف المفسرون أيضًا على عدة وجوه؛ أهمها:
1- قالوا: خطاب موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعنى ((لتركبن)) بفتح الباء يا محمد سماءً حالاً بعد حال، وحالات السماء هي الانشقاق والطي، وكونها كالمهل وحمرة كالدهان.
 
2- قالوا: خطاب موجه إلى الإنسان ((لتركبن)) بفتح الباء؛ أي: لتركبن أيها الإنسان حالاً بعد حال.
 
3- قالوا: خطاب موجه إلى الناس ((لتركبن)) بضم الباء: قوم كانوا في الدنيا خسيس أمرهم، فارتفعوا في الآخرة، وآخرون كانوا أشرافًا في الدنيا، فاتَّضعوا في الآخرة، أو فطيمًا بعد ما كان رضيعًا، وشيخًا بعد ما كان شبابًا، رخاءً بعد شدة، وشدة بعد رخاء، وغنًى بعد فقر، وفقرًا بعد غنى، وصحة بعد سقم، وسقمًا بعد صحة.
 
4- منزلة عن منزلة: من كان على صلاح دعاه إلى صلاح فوقه، ومن كان على فساد دعاه إلى فساد فوقه.
 
5- الشدائد والأهوال: يقال للداهية الشديدة: أم طبق، وأصلها الحيَّات.
 
ركوب الأطباق وارتياد الفضاء:
يقسم تعالى في كتابه العزيز في مطلع سورة الانشقاق بالشفق بلونه الأحمر البهيج، وبالليل وظلامه، وبالقمر واكتماله، ويأتي جواب القسم من أربع كلمات: ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾، وجاء لفظ "طبق" يَحمل إعجازًا قرآنيًّا، لم تعرف البشرية حقيقته إلا في القرن العشرين، بعد أن تمكن الإنسان من ارتياد الفضاء، وكانت إشارة القرآن لغزو الفضاء قبل محاولة إخوان رأيت التحليق في الهواء في بداية القرن الماضي، وقبل اختراع الطائرات المروحية، والطائرات النفاثة، والصواريخ التي تحمل أقمارًا صناعية تدور في مدارات حول الأرض، وأخيرًا السفن الفضائية والمحطات الفضائية الدولية، ولم يكن موضوع السفر إلى الفضاء مطروحًا في التصور البشري عند نزول القرآن، وكانت قريش آنذاك تضرب أكباد الإبل مسيرة شهر في رحلة الصيف من مكة إلى الشام، ولم يصدق الكثير من كفار قريش وبعض مَن دخلوا في الإسلام أن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد أُسرِي به في جزء من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمفسرون جزاهم الله خيرًا فهموا معانيَ متعددة للآية، وكان منها: اجتياز السماء سماءً بعد سماء، وإن خصوا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن في التصور البشري واردًا آنذاك تصوُّرُ قدرة الإنسان على اجتياز الفضاء، ويكفيني فقط في توضيح إشارة القرآن في تلك الآية إلى اجتياز الفضاء - أن أوضح أن محطات الفضاء ذات نظام تجميعي (شكل: 2)؛ حتى يتبين لنا ما في ﴿ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ من إعجاز علمي.
 
لنأخذ على سبيل المثال محطة الفضاء الروسية مير (السلام)، التي تتكون من ثلاثة أجزاء (شكل: 1):
1- الجزء الأول: القاعدة الأساسية أطلقت في 2 / 1986.
2- الجزء الثاني: القمرة الفضائية كفانت- 2 أطلقت في 2 / 1987، والتحمت بأحد أطراف القاعدة الأساسية.
3- الجزء الثالث: ويتكون من أربع قمرات وهي:
أ– القمرة الفضائية كفانت1، والتحمت بالقاعدة الأساسية سنة 1989 م.
ب- القمرة الفضائية كريستال، والتحمت بالقاعدة الأساسية سنة 1990م.
جـ- القمرة الفضائية سبيكتر، والتحمت بالقاعدة الأساسية سنة 1995م.
د- القمرة الفضائية بريرودا، والتحمت بالقاعدة الأساسية سنة1996م.
هـ- المركبة الفضائية سيوز لنقل الطاقم.
 
وهكذا يتضح لنا أن الإنسان لم يركب المحطة الفضائية إلا بعد أن تجاوزت المركبات الفضائية طبقًا بعد طبق، وأيضًا بعد أن تجاوزت الغلاف الجوي طبقة بعد طبقة.
 
ولكي ندرك عظمة جواب القسم القرآني في قوله تعالى: ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾، نضرب مثالاً آخر لبعثة (ناسا) المرجعية التي سوف تتضمن إرسال بعثة بشرية إلى المريخ، يشترك فيها ستة ملاحين، والبعثة سوف تتكلف ما بين 20 – 40 بليون دولار، تُصرف على مدى عشر سنوات، وتلك البعثة تتكون من ثلاث سفن فضائية (شكل: 3 ):
أ – مركبة حمولة غير مأهولة بالبشر تهبط على سطح المريخ، وتحوي مركبة للصعود، ومعملاً للوقود، وهذا هو الطبق الأول.
ب- مركبة غير مأهولة تمثل وحدة سكنية معدة للهبوط على المريخ، وتدور في فلك حوله.
جـ- بعد وصول المركبتين السابقتين بـ 26 شهرًا تنطلق مركبة نقل الملاحين، وتحمل الملاحين إلى مركبة الوحدة السكنية، ويستمر عمل البعثة على المريخ 500 يوم، ثم يعود الملاحون في مركبة الصعود، لتحملهم إلى مركبة نقل الملاحين التي تنتظرهم في مدار حول المريخ، وهكذا وبعد قرابة 1400 سنة ركب الإنسان الفضاء، وسيركب في رحلات المستقبل مركبًا أو مكوكًا أو سفينة واحدة بعد أخرى، أو غيرها مما لا نعلم.

فمن أخبر محمد بما سوف يحدث في عصر الفضاء في ذلك الزمن الذي كان الناس يقيسون المسافة بسير الإبل، وفي وقت كانت رحلة قومه من مكة إلى الشام أو اليمن غاية المنى؛ يقول تعالى: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1 - 4].
 
آية واحدة في كتاب الله تصف وسيلة ارتياد الإنسان الفضاء اليوم وغدًا؛ سواء بإرسال بعثات إلى فضاء المجموعة الشمسية، أو الفضاء بين النجوم بصفة عامة، وعلى من يحاولون السفر في الفضاء الكوني أن يتدبروا قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ}، والعلماء اليوم يخططون لإرسال بعثة لدراسة حزام كويبر، وكوكب بلوتو وقمرة المسمى بشارون! وتبدأ الرحلة عام 2006 لتصل إلى هدفها في عام 2015م، رحلة تقطع حوالي 8 بليون كيلو متر، ويطلق على تلك السفينة الآفاق الجديدة (نيو هورايزونز) (New Horizon)، وتبلغ أقصى سرعة لها 70.
000 كم في الساعة، إنها رحلة العشر سنوات، ويلاحظ أن السفينة تحمل طبقًا عن طبق (شكلي: 4& 5 ).

أما فيما يتعلق بالأطباق الطائرة، فإن في 85 % من الحالات، يلعب الخيال والهلوسة والمخدرات والتوتر العصبي دورًا كبيرًا في تصور تلك الأطباق، بينما يعود قسم منها لا يتعدى 10 % من المشاهدات إلى السراب وغيره من الظواهر الطبيعية، وتبقى نسبة ضئيلة من المشاهدات لا يمكن تفسيرها من وحي الخيال، ولا في ضوء الظواهر الطبيعية، وتحتاج إلى تفسيرات مقنعة، وبصفة عامة فموضع الأطباق الطائرة يكتنفه سر كبير.

النفاذ من أقطار السموات والأرض: في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ [الرحمن: 33]؛ يقول ابن عباس: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه، ولن تعلموه إلا بسلطان؛ أي: بيِّنة من الله تعالى، وعنه أيضًا في تفسير: {لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم، ويرى فريق من المفسرين أن النفاذ في الآية أمر تعجيزي، بمعنى: لو خرجتم أُرسل عليكم شواظ من نار، وأخذكم العذاب المانع من النفاذ، ويقول ابن كثير: لا يستطيعون هرًبا من الله وقدره، بل هو محيط بكم، لا تقدرون على التخلص من حكمه، أينما ذهبتُم أُحيط بكم، وهذا في مقام الحشر، فلا يقدر أحد على الذهاب إلا "بسلطان"؛ أي: بأمر الله.
 
التصعد والعروج في السماء: يصف القرآن الحركة في السماء والآثار المترتبة عليها في عدة آيات من القرآن الكريم، آيات تتحدث عن الصعود، وآيات تتحدث عن العروج.
 
أولًا: التصعد في السماء: يقول تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125].
 
قال المفسرون الصعود هو الطلوع، شبه الله الكافر في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يُطيقه، كما أن صعود السماء لا يطاق، وتفيد القراءة بالتشديد سواء بالألف يصاعد أو يَصَّعد بفعل شيء بعد شيء؛ أي: بالاستمرار في الصعود الذي يليه صعود، وقد سأل عمر بن الخطاب رجلاً من الأعراب من أهل البادية من مبلج عن الحرجة؟ فقال: هي الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء، فقال عمر رضي الله عنه: كذلك قلب المنافقين لا يصل إليه شيء من الخير، والآية تمثل حالة حسية لمن يقبله الله وَفق سنته الجارية في إضلال من يرغب عن الهدى، ويغلق فطرته عنه بضيق النفس، وكربة الصدر، والرهق المضني في التصعد في السماء، والصعود مرتبط بالإرهاق كما في الآية السابقة، وفي الآيتين التاليتين في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ [الجن: 17]، وقوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 16، 17].
 
أضرار التصعد في السماء: ذكرنا من قبل أن التصعد يفيد فعل شيء بعد شيء، وأن من يتصعد في السماء يضيق صدره، وقد ثبت علميًّا أن الصعود لما فوق ثمانية كيلو مترات يجعل التنفس صعبًا، ويصاب الشخص بمرض فقد (عوز) الأكسجين، وينتابه خلل في ضغط الدم بسبب تناقص الضغط الجوي، ويصاب الملاحون ورواد الفضاء في رحلاتهم بالإجهاد الشديد نتيجة المجهود الشاق للتأقلم على ظروف الفضاء، ويعانون من الصداع الشديد، وتنتابهم رغبة في النوم، وتحدث لهم آلام في الصدر والمفاصل، وفقدان الوزن، وانتفاخ الوجه، والتهابات جرثومية في الأنف والحنجرة والعين والجلد، وتضخم الأكتاف، ونقص عنصر البوتاسيوم، فيختل توازن الجسم، وتتمدد الغازات بالجسم، وتنفصل عن الجسم، فتتمزق الخلايا، ويحدث فشل كامل في وظائف الجسم.
 
وتمثِّل الجسيمات الدقيقة خطرًا كبيرًا، فقد تلتصق حبيبات دقيقة لا تزيد عن حجم حبيبات دخان لفافات التبغ بالبزات (البدلات) الفضائية، وتخدش مقدمات لباس الرأس (الخوذ )، وتحدث تيارات كهربائية تفسد التجهيزات، وتُعيق عمل المحركات، والجسيمات عادة ما تكون مغلفة بتوكسينات (Toxins)، وتسبب جسيمات الكوارتز مرض التترب الرئوي (Silicosis) وهو مرض رئوي غير قابل للشفاء يحدث بسبب استنشاق غبار الكوارتز، يقول تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125]، وقد نزلت الآية في وقت لم يكن واردًا على أذهان البشر الصعودُ في السماء واجتياز الفضاء.
 
ثانيًا: العروج في السماء: يصف القرآن أسفار الفضاء الطويلة بالعروج، فالملائكة والروح تعرج؛ يقول تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4]، والأمر الإلهي يعرج من السماء إلى الأرض؛ يقول تعالى: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ﴾ [السجدة: 5]، والحركة من الأرض إلى الفضاء عروج؛ يقول تعالى: ﴿ وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ﴾ [سبأ: 2]، ويقول تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الحديد: 4].
 
والبشر يعرجون من أبواب السماء إن تيسر ذلك؛ يقول تعالى: ﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴾ [الحجر: 14]، وسيأتي المزيد عن العروج في السماء عند الحديث عن النسبية في القرآن.
 
السقف المحفوظ والعلم الحديث:
يعبر السقف المحفوظ عن الغلاف الجوي، وسقف محفوظ فوق رؤوسنا، يعلو لارتفاع يزيد عن 1000 كيلو متر، تتركز كتلته (99 %) في الأربعين كيلو متر السفلى منه في طبقتي التروبوسفير والأوزنوسفير، وهذا السقف محفوظ بأسباب الله، ومحفوظ من أشياء تضر الخلائق، ولو لم يكن يوجد ذلك السقف، لصار وجه الأرض قاحلاً كوجه القمر مثلاً، ولانعدم النشاط البشري، بل ما تمكن البشر من العيش عليه، فذلك الغلاف الجوي يحرق النيازك الصغيرة (Meteoroids) التي هي حطام صغير من الكويكبات؛ حيث تتوهج على هيئة وميض شديد على هيئة الشهب، والكبير من تلك الشهب حينما يسقط على سطح الأرض يسمى نيزكا (Meteorite)، وتتكون النيازك من 90 % من النييازك الحجرية (Stone Meteorites)، والباقي منها تتكون من الحديد والنيكل، وهما العنصران المكونان للب الأرض.
 
والشهب تحرس السماء من الشياطين؛ يقول تعالى: ﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا * وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴾ [الجن: 8 - 10].
 
وقد أثبت العلم الحديث أن الغلاف الجوي يمثل سقفًا متعدد الطبقات، وأن لكل طبقة خصائصها التي تميزها، ووظائفها التي تقوم بها، ويوضح جدول (1) أغلفة الغلاف الجوي مرتبة من الأرض باتجاه السماء.
 
جدول (1 ): نطق الغلاف الجوي للأرض:





مسلسل


النطاق


خصائص النطاق


وظائف النطاق




1


نطاق التغيرات الجوية: (نطاق الطقس أو نطاق الرجع)، التروبوسفير
(Troposphere)


يتراوح سُمكه من 6 إلى 18 كم (5 ميل عند القطبين، 11 ميلاً عند المناطق المدارية ).
وتنخفض درجة حرارته بمعدل 6 درجات مئوية لكل ارتفاع ألف متر، وتصل درجة الحرارة إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمة النطاق.
ويحوي 85 % من كتلة الغلاف الجوي، ويتركب من النتروجين (78 %) والأكسجين (21 %) والأرجون (0.
93 %)
وثاني أكسيد الكربون _ 0.
03 %) وبخار لا ماء وغيره من الغازات.


تنشأ فيه الظروف الجوية المختلفة من رياح وسحاب ومطر ورعد وبرق ..
إلخ.




2-


نطاق التطبق
(Stratosphere)
الإستراتوسفير
(يوجد طبقة الأوزون ).


يرتفع فوق طبقة التغيرات الجوية بحوالي 50 كم في مستوى سطح البحر.
درجة حرارته من (60 ْ م إلى30 ْ م)
ويحوي ما بين ارتفاع 81، 30 كم فوق مستوى سطح البحر طبقة الأوزون.
ينخفض الضغط الجوي حتى يصل إلى 0.
01 ضغط جوي عند قمة النطاق.


امتصاص قدر كبير من الأشعة فوق البنفسجية ولو لا طبقة الأوزون لأصبحت الحياة مستحيلة على الأرض.
كما أن الشهب والنيازك تخترق في هذا النطاق.




3-


النطاق المتوسط
Mesosphere


يعلو حوالي 90 كم فوق مستوى سطح البحر.
وتنخفض درجة الحرارة لأعلى حتى تصل إلى 1000 ْ م تحت الصفر.
وينخفض الضغط الجوي إلى أن يصل على 4 من مليون من الضغط الجوي.


اختراق الشهب والنيازك ومخلفات المركبات الفضائية.




4-


النطاق الحراري
(الثرموسفير)
(Thermospher).


يرتفع فوق النطاق المتوسط بحوالي 600 كم فوق مستوى سطح البحر.
وترتفع درجة الحرارة إلى 500 ْم عند ارتفاع 120كم فوق مستوى سطح البحر ويوجد بذلك النطاق نطاق التأيُّن من ارتفاع 400كم فوق مستوى سطح البحر.


ضبط الحرارة عبر كل طبقات الغلاف الجوي.
يحمي الأرض من الأشعة الكونية (وأشعة X، والرياح الشمسية تعكس الأشعة الراديو وتلعب دورًا هامًّا في الاتصالات اللاسلكية.




5-


النطاق الخارجي الثرموسفير
(Exosphere)


أعلى طبقة في الأجواء الأرضية.


تدور فيها الأقمار الصناعية والمكونات الفضائية حول الأرض.




6-


النطاق الماجنيتوسفير (Magnetosphere )


يمتد من 600 إلى 16000كم فوق مستوى سطح البحر، ويوجد به زوج من الأحزمة المغناطيسية، يزداد سمكها عند خط الاستواء، ويقل عند القطبين، ويوجد الحزامان عند ارتفاعي 4000، 6000 كم من سطح البحر.


مصيدة حزام الأرض يمثلان الجسيمات الذرية عالية النطاق القادمة من الفضاء.





 
وحينما توصل الإنسان في 26 يوليو سنة 2000 إلى اكتشاف الجينوم؛ حيث توجد الخريطة الوراثية التي تتحكم في جميع صفات الإنسان في نواة خلية الجسد، ليفتح عصرًا جديدًا سيحدث ثورة في عالم الأحياء، إذا بنا نجد إشارة ذلك مسطرة في القرآن منذ قرابة 1400سنة في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2]، وقوله أيضًا: ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴾ [عبس: 17 - 19].
 
ويحذر الله تعالى الإنسان من محاولة استخدام ما نعرفه اليوم بالهندسة الوراثية لتغيير خلق الله، عن طريق العبث بالمورثات التي تتحكم في الوراثة في الإنسان.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣