عنوان الفتوى : حكم الاستدلال بالقرآن على مسألة دوران الأرض والشمس
ما سبب تعاقب الليل والنهار حسب الكتاب والسنة؟ وهل تعاقب الليل والنهار ناتج عن دوران الأرض حول نفسها، أم بسبب دوران الشمس يوميًّا حولها؟ وهل هناك حديث يقول بدوران الشمس اليومي حول الأرض، والذي ينتج تعاقب الليل والنهار؟ وهل العلماء الذين قالوا بدوران الشمس حول الأرض يقصدون الدوران اليومي أم السنوي؟ وما قولكم في التفاسير التي تقول عن جريان الشمس لمستقرٍّ لها بأنه سباحتها في الفضاء، وليس دورانها حول الأرض. وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن الكريم وإن كان لا يخلو من آيات وإشارات تتناول موضوع تعاقب الليل والنهار، كقوله تعالى: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا {الأعراف:54}، وقوله سبحانه: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ {الزمر:5}، وقوله عز وجل: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ {لقمان:29}، وقوله تبارك وتعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ {يس:37}، وغير ذلك من الآيات، إلا أن ترتيب ذلك على دوران أيٍّ من الأرض أو الشمس حول الآخر - لم يأتِ به نص قرآني صريح، فلا نستطيع نسبة ذلك إلى الكتاب والسنة، وحسبنا التفكر فيما نراه من ظواهر الكون، وتدبر آثار ذلك علينا، وعلى ما نراه من صفحات الكون الفسيح، وما يرتبط به من نعم الله عز وجل التي نسبح فيها ليل نهار.
وأما تكلف ربط أسباب ذلك بدلالات الكتاب والسنة، فمزلة ليست بالهينة، وينبغي للعاقل أن ينأى بنفسه عنها.
وقد سبق لنا مرارًا أن نبهنا على ضرورة التفريق بين الحقيقة العلمية الثابتة التي لا تقبل الجدل، وبين النظريات العلمية التي تفسر الظواهر الكونية، والتي تتعرض للتغيير والتحديث، وتقبل الصواب والخطأ ... وحركة الشمس والأرض من هذا الباب، فلا يزال هناك جدل علمي كبير بين العلماء المتخصصين في حقيقتها وكيفيتها، ناهيك عن نسبة حركة كل منهما للآخر، ونسبية التعبير عن هذه الحركة، وراجع في ذلك الفتويين: 132984، 125630 وما أحيل عليه فيهما.
ونكتفي هنا بهذا القدر؛ فإن سياسة العمل في الموقع تقضي بألا يجاب عن الأسئلة المتعددة إلا على الأول منها، ومع ذلك فسيجد الأخ السائل فيما أحيل عليه في الفتويين السابقتين ما يفيده في جواب بقية أسئلته، كالفتوى رقم: 99520.
والله أعلم.