عنوان الفتوى : كيفية التصرف فيما بقي من أموال التبرعات
أخبرني والدي بأن لديه دينا قديما منذ ما يقرب على العشر سنوات سابقة، ولم يكن لوالدي مصدر مالي بعد أن كبر في السن وضعف عمله، فكنت أنا وإخوتي نقوم بتسليمه جزءاً كبيراً من مرتباتنا في نهاية كل شهر خلال فترة العشر سنوات لمساعدته في تسديد الديون، والآن اقتربنا ولله الحمد من تسديد ماتبقى من دين لوالدنا، حيث أحاول الآن تجميع بعض الأموال من أهل الخير باجتهادي وإخوتي، بدلاً من تسديدها من مرتباتنا لقلة الموارد المالية لدينا في الوقت الحالي. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن سعيكم لقضاء الديون عن أبيكم عمل طيب تؤجرون عليه إن شاء الله تعالى. فقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. رواه مسلم. ولكن إذا حصل عندكم من التبرعات ما يكفي لقضاء دين أبيكم، فيجب أن تكُفُّوا عن طلب المساعدة في ذلك، لأن السؤال حينئذ غير مشروع في حقكم. فقد أخرج مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمرلك بها، قال: ثم قال: يا قبيصة: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا. أما ما زاد على قضاء الدين من التبرعات فينظر فيه، فإن كان أهل الخيرات الذين تبرعوا قصدوا بذلك أداء الدين فقط، فما بقي بعد قضائه يرد عليهم بقدر مساهمتهم، وإن قصدوا الصدقة عليكم فما فضل فهو لكم، وإن قصدوا الصدقة على والدكم فهو له. هذا ما أفتى به الإمام مالك رحمه الله تعالى في المدونة الكبرى. والله أعلم.