عنوان الفتوى : ما حكم ما أخذه من أرباح تحت الحساب ويشك في أن الشركة تعطي مبلغا ثابتا؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

شركة عقارية اشتريت منها شقة، فعرضت علي الشركة الاستثمار معها بمبلغ من المال مقابل مبلغ ثابت شهريا لحين تصفية الأرباح، وفيه مستثمرون معهم كثيرون نفس الوضع طبعا، وتم الاتفاق علي إنه يتم تصفية الأرباح سنويا، وبعد سنه وقت تصفية الأرباح قال ممثل الشركة: إنه ليس لك فلوس زيادة عما أخذت من أرباح شهرية، وليس لنا عندك فلوس، فهل في ذلك شبهة ربا؟ وإن كانو غير صادقين ولا يقومون باحتساب أرباح، وإنما يعطون أرباحا شهرية ثابتة، فهل اتخلص من هذه الأرباح التي أخذتها أم ماذا أفعل؟ وفي أي وجه أو كيف أتخلص منها؟ وهل يجوز أن أتخلص من الأرباح جزئيا على فترة طويلة نسبيا، على أقساط كل شهر مبلغ مثلا؛ لأني أشك في صدق الشركة أنها تقوم بتصفية الأرباح فعلا؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

شروط صحة الاستثمار في الشركات

يشترط لصحة الاستثمار في هذه الشركة وغيرها ثلاثة شروط:

1 - أن يكون مجال الاستثمار مباحا.

2 - الاتفاق على نسبة شائعة من الربح، مثل 10% مثلا، وليس مبلغا ثابتا ولا نسبة من رأس المال.

3 - عدم ضمان رأس المال.

فإذا لم تتوفر هذه الشروط، كعدم تحديد الشركة نسبتها ونسبة المشاركين معها من الربح، أو كونها تتعهد بضمان رأس المال، فهذا كله مفسد الشركة، ولا يجوز الدخول فيها حينئذ.

وينظر: جواب السؤال رقم : (264895)، ورقم : (265658) .

انيا:

حكم أخذ جزء من الربح تحت الحساب في المضاربة

إذا تم الاتفاق على نسبة الربح كأن يكون للشركة 40% مثلا، ولأصحاب الأموال 60%، فإنه يجوز تدفع للمشاركين مبالغ شهرية (تحت الحساب)، إذا ظهرت الأرباح فعلا، ثم تجري المقاصة عند تصفية حساب الربح في نهاية المدة.

جاء في "المعايير الشرعية" ص 225: " ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب. ويُراجع ما دُفع مقدما تحت الحساب عند التنضيد الحقيقي أو الحكمي " انتهى.

وأما قبل ظهور الأرباح: فلا يجوز أن يتم الاتفاق على أن يعطى لصاحب المال أرباح شهرية، أو أقساط، أو نحو ذلك . 

وينظر جواب السؤال رقم: (299349)

ثالثا:

يلزم التحقق من صدق الشركة عند الدخول في المضاربة

التحقق من صدق الشركة وانضباطها ليس عسيرا، فتطالب بمعرفة أرباح السنة، والوقوف على كشف حساب بذلك، ومنه يتبين هل ما أخذته مساو لما لك من نسبة أم لا.

رابعا:

حكم الربح المأخوذ من الشركة

الربح الذي أخذته قد يكون حلالا، وقد يكون ربا، وفي ذلك تفصيل:

1-فإن كانت الشركة تنص على نسبة الربح لك أو للمشاركين، وتبين-بعد الحساب- أن ما أخذته مساو أو أقل مما لك، أو أكثر وتبرعت الشركة بالزائد، فلا حرج فيه.

2-وإن كانت الشركة لم تنص على نسبة الربح، فهي شركة فاسدة، واختلف الفقهاء في الربح حينئذ هل يكون لها، أو لأصحاب الأموال وتأخذ هي أجرة المثل، أو يقسم بينها وبين المشاركين بالنسبة المتعارفة عند الناس في مثل ذلك، وهذا أعدل الأقوال، فتأخذ حينئذ ما يساوي حقك، وترد للشركة ما زاد، أو تأخذ منهم ما نقص، مع تحريم الدخول في الشركة مرة أخرى حتى تصحح عقدها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل لا أجرة المثل، فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح: إما نصفه وإما ثلثه وإما ثلثاه.

فأما أن يعطي شيئا مقدرا مضمونا في ذمة المالك، كما يعطي في الإجارة والجعالة: فهذا غلط ممن قاله.

وسبب الغلط ظنه أن هذا إجارة، فأعطاه في فاسدها عوض المثل، كما يعطيه في المسمى الصحيح.

ومما يبين غلط هذا القول: أن العامل قد يعمل عشر سنين، فلو أعطي أجرة المثل، لأعطي أضعاف رأس المال، وهو في الصحيحة لا يستحق إلا جزءا من الربح، إن كان هناك ربح؛ فكيف يستحق في الفاسدة أضعاف ما يستحقه في الصحيحة؟ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 509).

3-وإن تبين أن الشركة لم تسثمر المال، وإنما سددت به ديونا عليها، أو وضعته في سندات ربوية مثلا، فلا يحل لك أخذ الربح.

لكن ما أخذته منه وأنفقته: فلا شيء عليك فيه.

وما بقي منه في يدك: فإنك تتخلص منه بإعطائه الفقراء والمساكين، ولا ترده للشركة.

والحاصل:

أن عليك مراجعة الشركة والوقوف على حقيقة الاستثمار وقدر الربح ونسبتك منه، ثم العمل على وفق ذلك كما تقدم.

والله أعلم.