عنوان الفتوى : حكم استثمار مال في معرض سيارات يبيع السيارة بثمن مؤجل ويشتريها مرة أخرى بثمن معجّل أقل

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

عندي تجارة ، ولكنني متردد فيها ؛ بسبب شكي بحرمتها ، وهي كالتالي : افتح حسابا لي بمعرض سيارات ، وأسلم صاحب المعرض قيمة سيارة مثلا ٤٠ ألف ريال سعودي ، وصاحب المعرض يشغل لي هذا المبلغ ، وأنا لدي كشف حساب مثلا كل ٣ شهور ، وأستطيع أن أسحب من المبلغ خلال فترة محددة من صاحب المعرض ، صاحب المعرض يشتري سيارة باسمي ، ومن ثم يبيعها لشخص آخر بالأقساط بربح الضعف أي ب ٨٠ الف لمدة خمس سنوات ، ومن ثم المشتري الجديد للسيارة يأخذها ويبيعها طلبا للسيولة ، إما للمعرض ، أو لأشخاص قريبين من المعرض ، أو خارجا بمبلغ أقل من سعرها الرسمي أي أقل من ٤٠ ألف . سؤالي ١- أليس هذا استغلال لحاجة المحتاجين ، خصوصا إن الأخير طالب للسيولة بسبب حاجته للمال ، خصوصا أنه يشتريها مثلا ب٨٠ ، ويبيعها مثلا باقل من سعرها الرسمي يعني ٣٥-٤٠ ألف ؟ ٢- أليس هذا كله تلاعب وتحايل على الربا ؛ لأن كل التعامل كما أرى والله أعلم مال بمال بزيادة ، ولكن إدخال المعطيات تلك للتمويه ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله

أولا:

استثمار المال لدى صاحب المعرض، بحيث يكون منك المال، ومنه العمل، يسمى مضاربة، ويشترط لصحتها:

1-عدم ضمان رأس المال، بل لو حصلت خسارة بغير تفريط، خسرت مالك، وخسر العامل عمله.

2-الاتفاق على نسبة شائعة من الربح كالثلث أو الربع أو 20% أو 30 % وإلا لم تصح المضاربة.

ولم يظهر من سؤالك أنكما اتفقتما على نسبة من الربح، أم على نسبة من رأس المال، أم على مبلغ مقطوع، فالأول يصح، والثاني والثالث لا يصحان.

وفي المضاربة الصحيحة، يجوز إذا ظهر ربح، أن يُعْطَى لرب المال شيء منه تحت الحساب.

جاء في "المعايير الشرعية" ص 225: " ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب. ويُراجع ما دُفع مقدما تحت الحساب عند التنضيد الحقيقي أو الحكمي " انتهى.

وأما إذا لم يظهر ربح، فإنّ أخذ رب المال شيئا ، خصم من نصيبه في المضاربة، ومعنى ذلك أن يكون الخصم من رأس المال، فلو كانت المضاربة ب 40 ألفا مثلا، فأخذ منها ألفين، قبل ظهور الربح، فقد صار رأس المال 38 ألفا.

ثانيا:

لا يجوز للمعرض إذا باع سيارة بالتقسيط لشخص، أن يعود فيشتريها منه بثمن حال أقل؛ لأن ذلك هو بيع العينة المحرم.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (22/ 72): "العينة: بيع السلعة بثمن، إلى أجل، ثم شراؤها من المشتري بأقل من ذلك الثمن، وهي حرام عند جمهور الفقهاء - لأنه من الربا، أو ذريعة إلى الربا" انتهى.

وكذا لو كان المشتري هو وكيل المعرض، أو شريكه.

وقد جاء في تحريم العينة : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . رواه أبو داود (2956) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وينظر: الجواب رقم : (105339).

فالواجب عليك إذا أردت استثمار المال في هذا المعرض أمران:

الأول: أن تتحقق من صحة المضاربة، وتوفر شروطها، كما تقدم، فتتفقان على نسبة شائعة من الربح، ولا تسحب شيئا من المال إلا بعد ظهور ربح، كأن يكون العقد لمدة سنة مثلا، فإذا باع سيارة، وظهر ربح، أعطاك منه تحت الحساب ، واستمر في مضاربته .

الثاني: أن يلتزم المعرض بعدم شراء السيارة ممن باع له .

فإن لم يتوفر هذا الأمران، لم يجز هذا الاستثمار .

ثانيا:

أما كون المشتري يششتري بالتقسيط بثمن مرتفع، ثم يبيع في السوق بثمن أقل، ليحصل على النقود، فهذا يسمى التورق، وهو جائز عند الجمهور.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (45042) .

ولا حرج على المعرض في بيع السسيارة بالتقسيط إذا لم يبالغ في الثمن ويستغل حاجة المشتري، فإذا باع بثمن معقول، أو بثمن المثل: فلا حرج عليه، ولا علاقة له بكون المشتري سيبيعها في السوق بثمن بخس؛ لأن هذا تصرف المشتري، وهو يفعله لحاجته.

 والله أعلم.