عنوان الفتوى : حكم بيع التورق
في الآونة الأخيرة قام أحد البنوك بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط ، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث ، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا ؟.
الحمد لله.
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم : (التورق) مأخوذ من الورِق وهو الفضة ، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة .
و " جمهور العلماء على إباحتها ، لعموم قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار .
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها ، وإما للانتفاع بثمنها .
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمهم الله تعالى .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف ، والصحيح جوازها " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" وأما مسألة التورق فليست من الربا ، والصحيح حلها ، لعموم الأدلة ، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة ، أما من باعها على من اشراها منه ، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا ، وتسمى مسألة العينة ، وهي محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
انظر : "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقال بجوازها بشروط معينة .
قال رحمه الله في رسالة المداينة : " القسم الخامس – أي من أقسام المداينة - : أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه ، فهذه هي مسألة التورق .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها ، فمنهم من قال : إنها جائزة ؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح .
ومن العلماء من قال : إنها لا تجوز ؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا ، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئا . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو رواية عن الإمام أحمد .
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" ( 5/801 ) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط :
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم ، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز ، كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره .
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض ، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها .
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول : بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك ، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم ، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا : كأنه دراهم بدراهم ، لا يصح . هذا كلام الإمام أحمد . وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين : بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة .
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم . فإذا تمت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس .
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال ؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |