عنوان الفتوى : المرشد السياحي.. بين جواز العمل وحرمته

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أعمل مرشدا سياحياً منذ 13 عاما، المرشد السياحي في مصر لا يرتبط بشركة معينة. وهو حر ويؤجر على عمله فقط، أحيانا يجلس في بيته شهراً أو شهرين كاملين دون عمل. لذلك هناك تعارف بأن يذهب المرشد لمحلات البردي ويأخذ عمولة (60%) .التماثيل الفرعونية التذكارية(50%) .الذهـب( 25% ). نظراً للضربات المتتاليه للسياحة أجبرت الشركات التي تؤجر المرشد على أن يترك المرشد لها نصـف العمولة عند المحل ولأن صاحب المحل يقر بعدم شرعية هذا للشركة فإنه يعطي للشركة أقل من الاتفاق، علما بأن موظفي الشركة، يجلسون على مكاتبهم بمرتبات ثابتة، المرشد خلافاً لذلك فإنه يعمل ليلا نهارا مع السائحين. مع العلم بأن الاتفاق غير مكتوب بل متفق عليه من طرف واحد( الشركة). نحن مجبرون أن نقول نعم وإلا الزم بيتك؟ ما رأي الدين في هذا العمل أولا كمرشد 2- ثم العمولات 3-ثم بعض النصائح هذا الســـــــــــــــــــــــــؤال ينتظره أكثر من 2000 مرشد سياحي من 60000 العدد كله . جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

 فإن العمل في الإرشاد السياحي خاصة في مصر ذات الآثار الفرعونية التي يصبو إليها سائحو الغرب، تتخلله محظورات شرعية كثيرة: منها: زيارة ديار الهالكين من الظالمين سواء في منطقة الأهرامات، أو معبد أبو سنبل أو الكرنك أو غيرها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول ديارهم إلا خائفين باكين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحِجْر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم، ثم زجر فأسرع. متفق عليه. ومنها: أن لغة المرشد في التعريف بهذه الآثار هي غالباً لغة التعظيم والإكبار والإعجاب، ومن المعلوم أن ذلك مما يتنافى مع عقيدة الولاء والبراء، التي هي أصل من أصول عقيدة الإسلام. ومنها: إرشادهم إلى كل ما يطلبون ارتياده حتى أماكن بيع التماثيل والخمور، وأماكن اللهو وحفلات الرقص والغناء، ولا يخفى أن ذلك يدخل في التعاون على الإثم والعدوان. ومنها: ارتياد المرشد بحكم صحبته للسائحين أماكن الباطل كدور عرض الأفلام والمسرحيات ذات المخالفات الشرعية الكثيرة كالطرب والرقص والسفور وتفخيم شأن الأمم الكافرة، وكحضور الموائد التي يدار عليها الخمر، وهذه أعظم من التي قبلها. ومنها: اصطحابهم إلى المساجد القديمة ودخولهم فيها شبه عرايا متلبسين بالحيض أو الجنابة، ولا يخفى أن في ذلك امتهاناً لهذه الأماكن الطاهرة. ومنها: التعرض لفتن النساء الكافرات، بمخالطتهن، والنظر إلى عوراتهن، وتجاذب أطراف الحديث معهن، وما يتخلله من تكسر وخضوع بالحركة والقول. هذا إذا كان المرشد رجلاً، أما إذا كان امرأة فالأمر أشد خطراً وأعظم ضرراً. وعليه؛ فلا يجوز عمل المرشد السياحي مع وجود المحظورات الشرعية التي ذكرنا بعضها، أما إن خلا إرشاده من المحظورات الشرعية وأمن الفتنة فيجوز العمل. وبالنسبة للعمولة المذكورة فصحتها مبنية على صحة جواز العمل وخلوه من المخالفات الشرعية، فلا يجوز أخذ العمولة على بيع التماثيل الفرعونية التذكارية، لحرمة بيع التماثيل والاتجار فيها. ولا على الذهب إن كان عليه صور ونقوش لذوات أرواح من إنسان أو حيوان، ولا على آلات العزف والموسيقى، لحرمة ذلك أيضاً. أما مخالفة صاحب المحل لشركة السياحة في النسبة المتفق عليها فلا تجوز، إذ المسلمون عند شروطهم، والله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود[المائدة:1]. وليس على المرشد السياحي إثم في أخذ نسبته من العمولة، ما لم تكن هذه المخالفة بتواطؤ منه مع صاحب المحل. هذا كله على فرض خلو العمل من المحظورات الشرعية. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 9436 والفتوى رقم: 9743 والفتوى رقم: 6554 وأخيراً ننصح السائل وإخوانه من المرشدين بنصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته. رواه أبو نعيم وصححه الألباني في صحيح "الجامع الصغير". ويقول أبي بن كعب رضي الله عنه: ما ترك عبد شيئاً لله لا يتركه إلا لله إلا أتاه الله بما هو خير منه من حيث لا يحتسب، ولا تهاون عبد أو أخذه من حيث لا يصلح إلا أتاه الله بما هو أشد منه من حيث لا يحتسب. رواه وكيع في "الزهد" وابن أبي الدنيا في "الورع".

والله أعلم.