عنوان الفتوى : حكم إعلام الشريك شريكه ببيع حصته، وأخذ العوض عن حق الشفعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد سبق أن أرسلت إليكم سؤالا بخصوص ما إذا كانت هناك أرض مشتركة بين شخصين ، وباع أحدهما حصته دون علم الآخر ، هل يجوز للآخر أخذ عوض من البائع لقاء الكتمان، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد وقع الخلاف بين العلماء في حكم إعلام الشريك شريكه بأنه يريد أن يبيع حصته، فذهب بعض العلماء إلى أنه غير واجب، وإنما هو مستحب وله أن يبيع حصته من غير إعلام شريكه، وقال بهذا المذهب الكثير من الشافعية. وقال آخرون: بل يجب عليه أن يُعلم شريكه أنه يريد بيع حصته. واستدلوا بالحديث الذي رواه مسلم والنسائي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به. قالوا: والدليل على الوجوب قوله: "لا يحل" الذي يدل على حرمة عدم إعلام الشريك، قاله القرطبي عن بعض مشايخه، وكذلك قاله آخرون، وقالوا: لا يحيد عن الوجوب. وهو الراجح. فعلى رأي هؤلاء العلماء فإن الواجب على الشريك أن يعلمك بأنه يريد البيع، وبما أنه لم يفعل فهو آثم ويتوب إلى الله ويطلب السماح من شريكه، والشريك الشفيع ليس له إلا الأخذ بالشفعة متى علم بالبيع، فيجوز له أن يتملك حصة شريكه البائع بنفس الثمن، أو أن يسقط حقه في الشفعة، أما المصالحة أو أن يصالحه المشتري أو هو يصالح المشتري على أن يسقط حقه في الشفعة مقابل مال، فهذا محل خلاف بين العلماء، فذهب الشافعية والأحناف والحنابلة إلى أنه غير جائز، وذلك لعدة أسباب: 1-أن الشفعة خيار كخيار الشرط لا يجوز أخذ العوض عنه. 2-أن الشفعة ثبتت لإزالة الضرر عن الشريك، فإذا رضي بالعوض "المال" عنها تبين لنا ألا ضرر. 3-أنه حق مجرد لا يجوز بيعه ولا هبته. ثم اختلف الجمهور في ما إذا رضي هذا الشريك الشفيع بالصلح عنها بمال هل يسقط حقه فيها أو لا؟ فقال أكثرهم يسقط لأنه يدل على عدم وجود الضرر لأنه برضاه بالصلح أسقط حقه فيها على المال فلا يجوز له أخذه ويبقى إسقاطه لحقه في الشفعة، أي أن إسقاطه للشفعة يعتمد فلا حق له عندئذ، وقيل لا يسقط حقه في الشفعة. ورأي الجمهور هو الراجح لما ذكروه من أدلة، وذهب المالكية إلى جواز أخذ العوض عن حق الشفعة من المشتري. والله أعلم.