عنوان الفتوى : التعدي بالحكم على شخص بالردَّة لأنه خرج مع فتاة متبرِّجة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما الحكم فيمن قال لشخص : قد ارتددت عن الإسلام ؟ لأنه ذهب مع فتاة متبرجة ؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولاً :

لا يجوز للمسلم أن يتساهل في إطلاق لفظ الكفر فإن الحكم على المسلم الموحِّد بأنه كافر من كبائر الذنوب . وقد روى مسلم (60) عن عبد الله بن عمر أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلا رَجَعَتْ عَلَيْهِ ) .

وروى البخاري (6045) عن أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلا بِالْفُسُوقِ وَلا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ إِلا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ )

ثانياً :

ينبغي لمن أراد أن ينكر منكراً ، أو أن يعظ عاصياً أن يكون ذلك برفق ولين فإنه أقرب إلى قبول كلامه والتأثر بموعظته فعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )

قال النووي :

وفي هذا الحديث " فَضْل الرِّفْق وَالْحَثّ عَلَى التَّخَلُّق بِهِ , وَذَمّ الْعُنْف , وَالرِّفْق سَبَب كُلّ خَيْر . وَمَعْنَى يُعْطِي عَلَى الرِّفْق أَيْ يُثِيب عَلَيْهِ مَا لا يُثِيب عَلَى غَيْره . وَقَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ يَتَأَتَّى بِهِ مِنْ الأَغْرَاض , وَيُسَهَّل مِنْ الْمَطَالِب مَا لا يَتَأَتَّى بِغَيْرِهِ " اهـ.

وأما إطلاق نحو هذه الألفاظ : كافر ، فاسق ، مرتد ، ...إلخ

فقد يكون سبباً لنفور الشخص وتماديه في المعصية وعدم قبوله الحق .

قال الحافظ في شرحه لحديث أبي ذر المتقدم :

"وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ قَالَ لآخَر أَنْتَ فَاسِق أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ كَافِر فَإِنْ كَانَ لَيْسَ كَمَا قَالَ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقّ لِلْوَصْفِ الْمَذْكُور , وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَمَا قَالَ لَمْ يَرْجِع عَلَيْهِ شَيْء لِكَوْنِهِ صَدَقَ فِيمَا قَالَ , وَلَكِنْ لا يَلْزَم مِنْ كَوْنه لا يَصِير بِذَلِكَ فَاسِقًا وَلا كَافِرًا أَنْ لا يَكُون آثِمًا فِي صُورَة قَوْله لَهُ أَنْتَ فَاسِق بَلْ فِي هَذِهِ الصُّورَة تَفْصِيل : إِنْ قَصَدَ نُصْحه أَوْ نُصْح غَيْره بِبَيَانِ حَاله جَازَ , وَإِنْ قَصَدَ تَعْيِيره وَشُهْرَته بِذَلِكَ وَمَحْض أَذَاهُ لَمْ يَجُزْ ; لأَنَّهُ مَأْمُور بِالسِّتْرِ عَلَيْهِ وَتَعْلِيمه وَعِظَته بِالْحُسْنَى , فَمَهْمَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِالرِّفْقِ لا يَجُوز لَهُ أَنْ يَفْعَلهُ بِالْعُنْفِ لأَنَّهُ قَدْ يَكُون سَبَبًا لإِغْرَائِهِ وَإِصْرَاره عَلَى ذَلِكَ الْفِعْل كَمَا فِي طَبْع كَثِير مِنْ النَّاس مِنْ الأَنَفَة" اهـ .

ثالثاً :

" الذهاب مع فتاة متبرجة لا يكون كفراً ، بل هو معصية لكونه من وسائل وقوع الفاحشة ، ولكن ينبغي نصح هذا الشخص الذي ذهب مع الفتاة المتبرجة لعل الله أن يهديه" اهـ .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...