عنوان الفتوى : كفارة الاستمناء في نهار رمضان
عمري 19 سنة. المصيبة أنني أقوم بممارسة العادة السرية منذ سنة، بعد أن أقلعت عنها سنتين، أما الآن فأنا أقوم بها، وأتوب وأعود لها أكثر، فقد وصل بي الحال إلى أن فعلتها مرتين في رمضان (وأنا أشاهد سلسلة تلفزية فيها بعض المقاطع الإباحية، فخرج المني) يعني علي -ونحن في تونس نتبع المذهب المالكي- صيام 120 يوماً كفارة، وأنا لا أستطيع أن أبوح بإثمي لوالدي؛ كي أصوم الكفارة، وأنا أدرس الطب، ويعسر علي الصوم نظراً للدراسة، ولعدم ملاءمة الوقت. أشعر بالخزي، وأستغرق ليالي لا أستطيع النوم، أفكر فيما سولت لي نفسي من هذا الفعل الشنيع، وأخاف من الموت وأنا لم أقم بالكفارة. ماذا أفعل؟ وبارك الله فيكم. واعذروني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية ننبهك على خطورة وحرمة ما فعلته من مشاهدة بعض الأفلام الإباحية، ومن إفساد الصوم, والواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى فورا, وأن تجاهد نفسك على عدم العودة إلى ما يحرم نظره, كما ننبهك على حرمة الاستمناء في رمضان, وغيره، وراجع الفتوى رقم: 7170 وهو في نهار رمضان أشد في الإثم، وأبلغ في القبح؛ لما فيه من انتهاك حرمة الشهر الكريم.
ومن استمنى فأنزل، فقد بطل صومه، ووجب عليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه عند الجمهور، خلافاً للمالكية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18199.
وبناء على مذهب المالكية المعمول به في بلدكم, فقد لزمتك كفارة في كل مرة خرج منك المني فيها بتعمد الاستمناء, لكن إذا حصل منك مرتين في يوم واحد، فليس عليك إلا كفارة واحدة, أما إذا كان في يومين مختلفين, فعليك كفارتان, والكفارة هنا على التخيير بين ثلاثة أمور: وهي إطعام ستين مسكينا, وهذا أفضل، أو صوم شهرين متتابعين, أو عتق رقبة مؤمنة.
قال الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل المالكي: لما كانت أنواع الكفارة ثلاثة، والمعروف أنها على التخيير، أفاد النوع الأول معلقا له بكفر، بقوله: (بإطعام) أي تمليك (ستين مسكينا) أي محتاجا، فيشمل الفقير (لكل مد) وتقدم أنه ملء اليدين المتوسطتين، ولا يجزئ غداء أو عشاء، خلافا لأشهب، وتعددت بتعدد الأيام، لا في اليوم الواحد (وهو) أي الإطعام (الأفضل) من العتق، والصيام ولو للخليفة, وأفاد الثاني بقوله: (أو صيام شهرين) متتابعين، والثالث بقوله: (أو عتق رقبة) مؤمنة، سليمة من عيوب لا تجزئ معها. انتهى.
واعلم أن ندمك على ارتكاب هذا الذنب دليل على توبتك, فإن الندم توبة، كما في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد, وابن ماجه, وصححه الشيخ الأرنؤوط, والألباني, وانظر الفتوى رقم: 5450 ففيها شروط التوبة.
واعلم أنه لا يجب عليك تقليد المذهب المالكي, بل يجوز لك تقليد من لا يوجب على المستمني الكفارة وهم الجمهور, فالمسلم العامي يجوز له تقليد من شاء من مذاهب أهل العلم المعتبرة, ولا يجب عليك تقليد مذهب بعينه.
جاء في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: وحاصل المعتمد من ذلك، أنه يجوز تقليد كل من الأئمة الأربعة، وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة، ودوّن، حتى عرفت شروطه، وسائر معتبراته. انتهى.
والله أعلم.