عنوان الفتوى : حكم نطق الذال مثل الثاء في (الذين) في الفاتحة
ألا يأخذ حرف الذال، نفس شكل الفم في نطق حرف الثاء، الفرق في نبرة الصوت على ما أعتقد، ففي الصلاة السرية، عندما أنطق: "الذين" في الفاتحة، تبدو الذال مثل الثاء. فهل صلاتي، وقراءتي صحيحة، أم يجب علي أن أرفع صوتي في نطق حرف الذال، حتى تختلف عن الثاء؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الثاء, والذال, مخرجهما واحد, ويتفقان في الصفات، باستثناء صفة الجهر، التي ينفرد بها الذال.
جاء في التمهيد في علم التجويد لابن الجزري: وأما الثاء: فتقدم الكلام على أنها تخرج من المخرج العاشر من الفم، وهو ما بين طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، وهي مهموسة، رخوة، منفتحة، مستفلة، فإذا نطقت بها، فوفِّها حقها من صفاتها، وإياك أن تحدث فيها جهراً، فيلتبس لفظها بالذال؛ لأنهما من مخرج واحد.
وقال أيضا: أما الذال: فقد تقدم الكلام على أنها تخرج من مخرج الثاء، وهو المخرج العاشر من الفم، وهي مجهورة رخوة منفتحة مستفلة، وهي أقوى من الثاء بالجهر، ولولا الجهر الذي في الذال لكانت ثاء، ولولا الهمس الذي في الثاء، لكانت ذالاً. انتهى.
وصفة الجهر قد ورد تعريفها في الموسوعة القرآنية المتخصصة كما يلي:
الجهر: وهو ضد الهمس، وهو في اللغة: بمعنى الإعلان والإظهار.
وفي الاصطلاح: ظهور الحرف وإعلانه؛ لقوته، وانحباس النفس معه عند النطق به؛ لقوة الاعتماد عليه في مخرجه. انتهى.
فصفة الجهر متعلقة بالنفَس, وليس بالصوت.
جاء في كتاب فتح رب البرية، شرح المقدمة الجزرية في علم التجويد: اعلم أن الهمس والجهر يتعلقان بالنفس، وأن الشدة والرخاوة وبينهما البينية ( صفة متوسطة بين الشدة والرخاوة) تتعلق بالصوت. انتهى.
وبناء على ما سبق, فعلى السائل أن يأتي بصفة الجهر عند النطق بالذال حتى لا تتحول إلى ثاء, ولا فرق في هذا بين الصلاة الجهرية, والسرية, فالجهر لا علاقة له بالصوت, بل بالنفَس, كما ذكرنا.
أما النطق بالذال مثل الثاء في الفاتحة, فهذا مبطل للصلاة في حق من يقدرعلى التعلم.
جاء في المجموع للنووي: ولو أخرج بعض الحروف من غير مخرجه، بأن يقول نستعين تشبه التاء الدال، أو الصاد لا بصاد محضة، ولا بسين محضة بل بينهما. فإن كان لا يمكنه التعلم، صحت صلاته، وإن أمكنه، وجب التعلم، ويلزمه قضاء كل صلاة في زمن التفريط في التعلم, هذا حكم الفاتحة. انتهى.
وأخيرا ننبه السائل على ضرورة الحذر من الوسوسة في مخارج الحروف, فإنها من مداخل الشيطان, وقد حذر منها أهل العلم, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 249289.
والله أعلم.