عنوان الفتوى : كيف يكون الطفل المتوفى عند إبراهيم عليه السلام، وفي الوقت نفسه يشعر بمن يزور قبره؟
عند زيارة قبر الطفل هل يشعر بنا، ويسمع حديثنا معه، ونحن نعلم أن روحه هي في جبل بالجنة برعاية نبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام ؟
الحمد لله.
قد ثبت أن الطفل المسلم إذا مات يكون في روضة عند إبراهيم عليه السلام.
عن سَمُرَة بْن جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟ قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ:
إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي...
قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ!...
قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَ: قَالاَ لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ...
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ
رواه البخاري (7047).
ثانيا:
وأما سماع الميت لسلام الحي وشعوره بزيارته لقبره، فهذه مسألة محل خلاف بين أهل العلم، وقد سبق بيان ذهاب جماعة من أهل العلم إلى تصحيح ما يشير إلى علم الميت بزيارة الحي، وهذا في جواب السؤال رقم : (111939).
وبكل حال، فلا يصح التعمق في مثل هذه المسائل وبحث كيفية علمه وشعوره ونحو هذا؛ لأن عالم البرزخ من عالم الغيب الذي لا سبيل إلى العلم بتفاصيله إلا من جهة الخبر الصادق : الكتاب والسنة الصحيحة.
غير أنه يقال: إن أطفال المسلمين، وإن كانت أرواحهم عند إبراهيم عليه السلام ، فإن لها اتصالا بالبدن وهو في القبر ، وهكذا أرواح الشهداء ، ونحوهم من الموتى ، فإن الروح يكون لها اتصال ما بالبدن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأرواح المؤمنين ، وإن كانت في الجنة ؛ فلها اتصال بالبدن إذا شاء الله تعالى ، من غير زمن طويل ، كما تنزل الملائكة في طرفة عين .
قال مالك رحمة الله تعالى بلغني أن الروح مرسلة ، تذهب حيث شاءت .
ولهذا روى أنها على أفنية القبور ، وأنها في الجنة ؛ والجميع حق .
وفي الصحاح : أنها ترد إليه بعد الموت ، ويُسأل ، وترد ؛ فتكون متصلة بالبدن بلا ريب . والله أعلم ..." انتهى، من "مختصر الفتاوى المصرية" (190).
والله أعلم.