عنوان الفتوى : حكم اللعب بلعبة فيها محاكاة للقمار

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هناك لعبة على الجوال، عبارة عن مباراة بين اثنين، وفي نهاية اللعبة يحصل الفائز على نقود وهمية، والخاسر تنقص نقوده الوهمية، وإذا خرج أحد اللاعبين من المباراة قبل نهايتها تنقص نقوده الوهمية، وأنا لا أدري إذا كان الشخص الذي يلعب معي، دفع نقودًا حقيقية في اللعبة للحصول على نقود وهمية أم لا؟ وفي المباراة يعطونني كل 6 ثوانٍ 250 من النقود الوهمية؛ لأشتري بها أشياء، أتحدى بها الشخص المنافس، وأستطيع أن أزيدها مثلًا وأدفع 50 من نقودي الوهمية، ويعطونني كل 6 ثوانٍ 275، بدلًا من 250، فهل حكم اللعبة حكم القمار؟ وما حكم أن أدفع في هذه اللعبة نقودًا حقيقية؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما ذكرت من فقدان اللاعب الخاسر لنقوده الوهمية في هذه اللعبة، ليس قمارًا حقيقيًّا، ولكنه محاكاة للقمار، فينبغي أن تجتنب هذه اللعبة أصلًا، فضلًا عن أن يبذل فيها الشخص مالًا حقيقيًّا, وإنما منع اللعب بها؛ لِما فيه من فعل صورة ما حرمه الله -ولو للتسلية- واللعب ينافي تعظيم حرمته، وقد قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج:30}, جاء في فتوى دار الإفتاء الأردنية:

السؤال: انتشرت في الآونة الأخير بين الشباب لعبة على الإنترنت تدعى "بوكر"، وهي لعبة يلعب فيها أكثر من شخص في آن واحد، وهي لعبة القمار، يلعبون على رصيد وهمي من النقود (أشبه بنقاط)، ومن ثم تطورت الأمور، فأصبح الشخص الذي خسر ما لديه من النقود الوهمية، بحاجة لنقود (وهمية) لإكمال لعبة القمار، فيشتري هذه النقود الوهمية (النقاط) من شخص آخر لديه رصيد (عن طريق تحويل هذه النقود الوهمية على الإنترنت)، مقابل نقود حقيقة يتسلمها بيده، فمثلًا يشتري 500 دولار وهمي، بخمسة دنانير أردني.

وهذا موجود وبكثرة عندنا في الأردن، فما حكم لعب هذه اللعبة (على الرصيد الوهمي فقط)، وما حكم شراء هذه النقود الوهمية بنقود حقيقية؟ وما حكم بيع هذه النقود الوهمية بنقود حقيقية؟ أرجو أن تصدروا فيها بيانًا، أو فتوى عامّة وتعمموه، فقد عمّت البلوى بين الشباب.

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.

هذه اللعبة لا تخلو من محذورين اثنين: إما أن تكون قمارًا بنفسها، تشتمل على ربح المال أو خسارته حقيقة مقابل اللعب، وهذا لا يخفى تحريمه على جميع المسلمين، فالله عز وجل يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90.

وإما أن لا تشتمل على المقامرة حقيقة، ولكنها تدريب عليه، وجرأة على اقتحام المحرم، واستحلال فعلي له على وجه اللعب والتسلية، وهذا لا شك أيضًا في حرمته، فقد جاءت شريعتنا الحكيمة بتحريم التشبه بجميع عادات الكفار والفساق، وفي القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى: ( وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) الشورى/15، وفي السنة الصحيحة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) رواه أبو داود (4031)، وقد حرم فقهاؤنا التشبه بعادات أهل الفسق والفجور، ولو كان أصل العمل مباحًا، حسمًا لمادة الحرام، وقطعًا للجرأة عليه، فكذلك يقاس عليه كل لعب هو في الأصل مباح، ولكنه يلعب به على هيئة القمار والميسر.

يقول العلامة ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-: "إذا أديرت القهوة الحادثة الآن كهيئة إدارة الخمر، حرمت إدارتها، وإلا فلا" انتهى. "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4/361). اهـ.

والله أعلم.