عنوان الفتوى : حكم نشر مقاطع دعوية وعلمية فيها أخطاء يسيرة دون تنبيه عليها
ما حكم نشر محاضرة أو مقطع فيه أخطاء يسيرة؟ كأن يخطئ المحاضر في تلاوة آية، أو نطق بعض الأحاديث، أو استدل بحديث ضعيف، أو ذكر معلومة شرعية خاطئة، أو قال بقول لم يسبق إليه، لكن المحاضر ثقة، وأغلب كلامه مفيد جدًّا، وأسلوبه مميز، مع العلم بأن التنبيه على هذه الأخطاء عند نشرها أمر يصعب مع كل مقطع، وهو اُسلوب غير متقبل عند الناس؟
الحمد لله.
يجوز نشر المحاضرات والمقاطع الدعوية والعلمية النافعة، وهذا باب عظيم من أبواب الخير؛ فإن الدال على الخير كفاعله، ومن دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا رواه مسلم (4831).
وروى مسلم (1893) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ .
وإذا كان المقطع سليما في الجملة، فلا حرج في نشره ولو تضمن بعض الهنات.
وكلما أمكن حذف الخطأ، أو الإشارة إلى صوابه، فهو أولى، وحذف الجزء الخطأ أيسر، وهو ممكن بالتقنيات الحديثة، ويفعله الناس في مثل هذا عادة، بل يفعله أصحاب المواد بأنفسهم، إذا تنبهوا إلى مثل ذلك.
فإن تعذر ذلك، فلا بأس بنشر النافع من هذه المواد، وما زال أهل العلم ينشرون الكتب ويدلّون عليها، وقلّ أن يسلم كتاب من خطأ كالذي ذكرت، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث.
ولو منع من نشر المحاضرات والمقاطع لوجود خطأ فيها، لحرم الناس من فوائد كثيرة.
قال الإمام الذهبي، رحمه الله: "ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده - مع صحة إيمانه، وتوخيه لاتباع الحق - أهدرناه، وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنه وكرمه". انتهى، من "سير أعلام النبلاء" (14/376).
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |