عنوان الفتوى : هل يؤجر المرء على إطعامه الغربان والفئران؟
ما هو حكم إطعام الغراب والفئران؟ هل يؤجر فاعله؟ إذا كان مع الإنسان طعام مثلاً خبزة، فوضعها في مكان، وقال لعل غرابا أو فأرا يأتيها فيأكلها، فأؤجر. فهل ذلك الفعل سليم؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن إطعام الحيوانات فيه أجر, ومرغب فيه، ويدل له حديث البخاري, وغيره: في كل كبد رطبة أجر.
وهذا الحديث قد حمله بعض أهل العلم على عمومه, فيشمل الحيوان المأمور بقتله وغيره, ومن أهل العلم من قصره على الحيوان المحترم دون المأمور بقتله.
جاء في عمدة القاري للعيني: وقال الداودي: هذا عام في جميع الحيوانات. وقال أبو عبد الملك: هذا الحديث كان في بني إسرائيل، وأما الإسلام فقد أمر بقتل الكلاب فيه.
وأما قوله: (في كل كبد) ، فمخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه؛ لأن المأمور بقتله كالخنزير، لا يجوز أن يقوى ليزداد ضرره، وكذا قال النووي: إن عمومه مخصوص بالحيوان المحترم، وهو ما لم يؤمر بقتله، فيحصل الثواب بسقيه، ويلتحق به إطعامه، وغير ذلك من وجوه الإحسان إليه. قلت: القلب الذي فيه الشفقة والرحمة، يجنح إلى قول الداودي، وفي القلب من قول أبي عبد الملك حزازة. انتهى.
وفي شرح البخاري لابن بطال: قال المهلب: وفي هذا الحديث دليل أن في كل كبد رطبة أجر، كان مأمورا بقتله، أو غير مأمور. انتهى.
وفي فتح الباري لابن حجر: وقال ابن التين: لا يمتنع إجراؤه على عمومه، يعني فيسقى، ثم يقتل؛ لأنا أمرنا بأن نحسن القتلة، ونهينا عن المثلة. انتهى.
وبناء علي ما سبق, فإن وضع الطعام في مكان معين، لعله ينتفع به حيوان, يثاب عليه فاعله إذا أكل منه حيوان, أو طير, ولو كان فأرا, أو غرابا على مذهب كثير من أهل العلم, كما رأينا، مع التنبيه على أن الفأر, والغراب، من الحيوانات التي وصفت بالفسق, وأنها تقتل في الحل, والحرم, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26761.
وقال بعض الفقهاء هذا الحكم خاص بالغراب الذي يأكل الجيف, بخلاف غراب الزرع, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 110664.
والله أعلم.