عنوان الفتوى : حكم الانتفاع بالإناء المكسور في الأكل والشرب
سمعت أن الأكل في الإناء الذي فيه جزء منه مكسور حرام، فهل هذا صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الإناء الذي انكسر بعضه يجوز استعماله في الأكل وغيره مما يصح أن يستعمل فيه، والدليل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: غارت أمكم، ثم حبس الخادم حتى أُتِيَ بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرَت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرت. وأخرج الإمام أحمد في المسند من حديث أنس أيضاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه، قال: أظنها عائشة، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، قال: فضربت الأخرى بيد الخادم فكسرت القصعة نصفين، قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: غارت أمكم، قال: وأخذ الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل فيها الطعام، ثم قال: كلوا فأكلوا، وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا، فدفع إلى الرسول قصعة أخرى وترك المكسورة مكانها. فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد أكلوا مما في هذه القصعة المكسورة، ثم أيضاً لم يأمر برميها والتخلص بل تركها ينتفع بها. وهذا في الأكل. وأما الشرب من مكان الثلمة الموجودة في القدح أو الإناء فقد رود النهي عن ذلك في الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي سعيد الخدري أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح، وأن ينفخ في الشراب. وصححه ابن حبان وحسنه السيوطي. والنهي نهي كراهة عند أئمة الإسلام كما ذكر ذلك الإمام ابن عبد البر، قال الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار: وقد قال قوم: إنما نهى عن ذلك لأنه الموضع الذي يقصده الهوام فنهى عن ذلك خوف أذاها. انتهى. وهذا ما أثبته العلم الحديث.. حيث إن هذه الأماكن من القدح مكان اجتماع الجراثيم. والله أعلم.