عنوان الفتوى : معنى: الدباء والحنتم والمزفت
ما المقصود بالدباء والحنتم والمزفت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: آمركم بأربع و أنهاكم عن أربع: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وأعطوا الخمس من الغنائم. وأنهاكم عن أربع: عن الدباء والحنتم و المزفت والنقير.
والمراد بهذه الأشياء أوعية كانوا يجعلون فيها التمر أو الزبيب مع الماء حتى يحلو ثم يشربونه وقد يتخمر. وسبب النهي سرعة تخمر ما وضع بها، وقد نسخ النهي عن الانتباذ فيها مع منع كل ما كان مسكرا.
والدباء هو القرع اليابس، والحنتم جرار، والمزفت هو الإناء المطلي بالزفت وهو القار.
وقد جاء في شرح النووي على مسلم: وأما قوله صلى الله عليه و سلم وأنها كم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير. وفى رواية المزفت بدل المقير فنضبطه ثم نتكلم على معناه إن شاء الله تعالى فالدباء بضم الدال وبالمد وهو القرع اليابس أي الوعاء منه، وأما الحنتم فبحاء مهملة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم تاء مثناة من فوق مفتوحة ثم ميم الواحدة حنتمة، وأما النقير فبالنون المفتوحة والقاف، وأما المقير فبفتح القاف والياء فأما الدباء فقد ذكرناه وأما الحنتم فاختلف فيها فأصح الأقوال وأقواها أنها جرار خضر وهذا التفسير ثابت في كتاب الأشربة من صحيح مسلم عن أبى هريرة وهو قول عبد الله بن مغفل الصحابي رضي الله عنه وبه قال الأكثرون أو كثيرون من أهل اللغة وغريب الحديث والمحدثين والفقهاء. والثاني أنها الجرار كلها قاله عبد الله بن عمر وسعيد بن جبير وأبو سلمة. والثالث أنها جرار يؤتى بها من مصر مقيرات الأجواف وروى ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه ونحوه عن ابن أبى ليلى وزاد أنها حمر. والرابع عن عائشة رضي الله عنها جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر. والخامس عن ابن أبى ليلى أيضا أفواهها في جنوبها يجلب فيها الخمر من الطائف، وكان ناس ينتبذون فيها يضاهون به الخمر. والسادس عن عطاء جرار كانت تعمل من طين وشعر ودم.
وأما النقير فقد جاء في تفسيره في الرواية الأخيرة أنه جذع ينقر وسطه.
وأما المقير فهو المزفت وهو المطلى بالقار وهو الزفت وقيل الزفت نوع من القار والصحيح الأول فقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: المزفت هو المقير.
وأما معنى النهى عن هذه الأربع فهو أنه نهى عن الانتباذ فيها وهو أن يجعل في الماء حبات من تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويشرب، وإنما خصت هذه بالنهى لأنه يسرع إليه الإسكار فيها فيصير حراما نجسا وتبطل ماليته فنهي عنه لما فيه من إتلاف المال، ولأنه ربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه. ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأدم بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر بل إذا صار مسكرا شقها غالبا، ثم إن هذا النهى كان في أول الأمر ثم نسخ بحديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا. رواه مسلم في الصحيح.
والله أعلم.