عنوان الفتوى : الصلاة أعظم ما يستعان به على تيسير الأمور
أنا أدرس الطب، وكنت محافظا على صلاة الجماعة في المسجد وما زلت ولكن الأمر شق علي كثيرا، أصبحت لا أجد وقتا للدراسة، مع العلم أني حتى أترك الصلاة بالمسجد أجاهد نفسي أيضا تقريبا يضيع مني نصف ساعة لكل صلاة ومرات أكثر من ذلك ضاقت علي ولا أعلم ماذا أفعل؟ ادعوا لي بالفرج.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعوى أن صلاة الجماعة تحول بينك وبين الاجتهاد في دراستك فضلا عن دعوى أن نفس الصلاة ولو في البيت تعد عائقا دون الاجتهاد في الدراسة إنما هي من تلبيس الشيطان عليك وإغرائه لك وإغوائه إياك وخداعه لك.
فاعلم -هداك الله- أن طاعة الله ومن أهمها الصلاة في وقتها من أعون الأشياء على تحقيق مصالح الدنيا، وقد أمرنا الله تعالى بالاستعانة بالصلاة فقال: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة:45}، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر أي أهمه وأشغله فزع إلى الصلاة، قال العيني: قوله: "إذا حزبه" بفتح الحاء المهملة، وبعدها زاي، وباء موحدة مفتوحة، أي: إذا نزل به مهم وألمّ به، ويستفاد من هذا: أن الرجل إذا نزل به أمر يهمه، يستحب له أن يصلي. انتهى.
فطاعة الله تعالى هي الميسرة للأمور؛ كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}، فلا يستخفنك الشيطان ولا يلبسن عليك فيقعدك عن العبادة ويحول بينك وبين الواجبات بهذه الدعاوى التي تضر ولا تنفع، ولو اجتهدت في تنظيم وقتك وقسمة الواجبات والوظائف على الأوقات وتحقيق الموازنة بينها سهل عليك الأمر ولم تجد مشقة ولا عناء في فعل ما كلفك الله تعالى به.
واعلم أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال البالغين في أصح أقوال أهل العلم، وفعلها في المسجد أولى وأعظم أجرا وإن لم يكن ذلك واجبا عند جمهور الموجبين للجماعة كما بيناه في الفتوى رقم: 128394، والوصية المبذولة لك هي أن تجتهد في الدعاء والإقبال على الله تعالى وسؤاله تيسير الأمر وتفهيمك وتوفيقك لتنظيم وقتك، ثم اجتهد في قسمة الوظائف على الأوقات بحيث لا تخل بشيء مما يلزمك فعله مقدما حق الله تعالى على ما عداه.
والله أعلم.