عنوان الفتوى : زوجة العقيم وقرار الانفصال أو البقاء
أنا زوجة لرجل عقيم، عند كل منّا ٣٠ عامًا، راسلنا جميع الدول والأطباء، وقد ساعدنا والدي جدًّا في ذلك، ولكن كلهم أكدوا أنه ليس قبل ١٠ سنوات لينجح علاج هذه الحالة. لقد صليت استخارة كثيرًا، وكان دائمًا قلبي يهدأ حين أقرر الزهد في الدنيا، والصبر على البلاء، والشفقة على زوجي، ولكن أصبح تعامله مختلفًا في المشاجرات، وكنت أزيد تركيزي في هذا خوفًا مما سيحدث بعد ذلك. وكنا مقدمين على طريقة علاج حديثة، فتوقفَت تمامًا، وحذر استخدامها في البلد إلى أن يثبت نجاحها (أيضًا في حدود ١٠ سنوات أو أكثر حتى يثبت أنها آمنة). ثم بعدها قرر زوجي أن ننفصل حتى لا يظلمني، ثم أعرض عن هذا الموضوع أو أجله لما بعد شهر رمضان حين رأى تمسكي به، ثم استخرت الله كثيرًا في رمضان، وبعد رمضان قد تحدث معي أبي، وشجعني كثيرًا على الطلاق؛ لأنه بعد عدة سنوات سيتم علاجه، وسأصبح أنا قد بلغت سنًّا متأخرة، فيتزوج هو بأخرى لينجب. مع العلم أنه يوجد دافع آخر جعل أبي يشجعني، وهو وجود أحد أقربائي وهو مطلق ويريده أبي لي، ولكنني أرى أن هذا التفكير حرام تمامًا، ولكنني اعتبرت تشجيع أبي هو رسالة من ربي لأخذ القرار، واعتبرت هذه آخر علامة للاستخارة، وقلت لزوجي إني موافقة على ما عرضه قبل رمضان من الطلاق، وكي أشجعه قررت أني سأفتدي نفسي بمالي، ويعطيه هو لأبي وكأنه أعطاني حقوقي. ولكن في جميع الحالات بالتأكيد لن ينشرح صدري بالطلاق، فهو صعب جدًّا على كل منّا، ولم نتوقف عن البكاء منذ قررنا، ولكننا للأسف نعرف أن هذا هو الصواب، والعقل يؤيد ذلك. فكيف يكون ناتج الاستخارة انشراح في الصدر وهي استخارة إما لطلاق ومفارقة أو معيشة بلا أمل للأمومة ورعب مما هو قادم؟ كلاهما صعب، فكيف سينشرح صدري؟ وهل ما أعتبره علامات هو كافٍ لأخذ قراري؟ أفيدوني بما يريح قلبي أرجوكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مندوب إليها في الأمور المباحة التي لا يتبين فيها وجه الصواب من الخطأ، وقد تكلّم العلماء فيما يعتمده العبد بعد الاستخارة، هل هو انشراح الصدر وتيسّر الأمر؟ أم أنه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه. والراجح عندنا: أنّه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه. وانظري الفتوى رقم: 123457.
وعليه؛ فإذا استخرت فافعلي ما بدا لك سواء انشرح صدرك له أم لا، وليس من الضروري رؤية علامات أو أمارات في هذا الصدد، لكن ما ستقررين فعله ستكون عاقبته خيرًا لك -إن شاء الله-.
وما دام زوجك عقيمًا فيسوغ لك طلب الطلاق أو الاختلاع منه لما يلحقك من ضرر بسبب ذلك. وانظري الفتوى رقم: 106350.
وإذا صبرت على ذلك، وعاشرت زوجك بالمعروف، فلك -بإذن الله- الأجر العظيم، فإن عاقبة الصبر والتقوى الفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ... إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف: 90}.
فانظري في الأمر، وقرري ما ترينه بعد الاستشارة والاستخارة، واطلبي من الله العون، واعتمدي عليه، وفوضي أمرك إليه، ووطني نفسك على الرضا التامِّ والتسليم بما سيختاره لك ربك ويقدره؛ فهو سبحانه العليم بعواقب الأمور كلها، الحكيم في أفعاله ومقاديره، والرحيم بعباده، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
ونسأل الله تعالى أن يلهمك الصواب وسداد الرأي، وأن يرزقك الذرية الصالحة.
والله أعلم.