عنوان الفتوى : الحكمة من جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا
تساءلت امرأة مثقفة عن عدة المتوفاة ولماذا هي أربعة أشهر وعشرة أيام؟ وما هو السبيل لإبراء الرحم؟ فقيل: لمكانة الزوج، فقالت: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذا ولدت بعد الوفاة مباشرة تنتهي العدة؟ فكيف نزيل هذه الشبهة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست الحكمة هي إكرام الزوج فقط، ولكن هناك حكم أخرى، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُبَالِغُونَ فِي احْتِرَامِ حَقِّ الزَّوْجِ وَتَعْظِيمِ حَرِيمِ هَذَا الْعَقْدِ غَايَةَ الْمُبَالَغَةِ مِنْ تَرَبُّصِ سَنَةٍ فِي شَرِّ ثِيَابِهَا وَحَفْشِ بَيْتِهَا، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ بِشَرِيعَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا رَحْمَةً وَحِكْمَةً وَمَصْلَحَةً وَنِعْمَةً، بَلْ هِيَ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَانَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ مَضْرُوبَةٍ لَهَا، وَأَوْلَى الْمُدَدِ بِذَلِكَ الْمُدَّةُ الَّتِي يُعْلَمُ فِيهَا بِوُجُودِ الْوَلَدِ وَعَدَمِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ عَلَقَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ مُضْغَةً، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فِي الطَّوْرِ الرَّابِعِ، فَقُدِّرَ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، لِتَظْهَرَ حَيَاتُهُ بِالْحَرَكَةِ إنْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ. انتهى.
وروى الطبري في تفسيره: عن قتادة، قال: سألت سعيد بن المسيب: ما بال العشر؟ قال : فيه ينفخ الروح.
قال ابن رجب في جامعه: والروايات التي قبل هذه عن أحمد إنما تدل على أنه ينفخ فيه الروح في مدة العشر بعد تمام الأربعة، وهذا هو المعروف عنه، وكذا قال ابن المسيب لما سئل عن عدة الوفاة حيث جعلت أربعة أشهر وعشرا: ما بال العشر؟ قال: ينفخ فيها الروح. انتهى.
وهذه الحكمة ـ انتظار نفخ الروح إن كان حمل ـ تتناسب مع انقضاء العدة بوضع الحمل للتيقن ببراءة الرحم بعد الولادة، والواجب أن نسلم لحكم الله علمنا الحكمة أو جهلناها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114835.
وراجعي الفتوى رقم: 97913، وتوابعها.
والله أعلم.